ثورة 25 يناير نموذجاً الإنترنت والفيس بوك
يوضح كتاب «الإنترنت والفيس بوك.. ثورة 25 يناير نموذجًا» لمؤلفه الخبير في مجال الأمن المعلوماتي، محمود الرشيدي، كيف تفاجأ رجال الأمن في مصر من دور وتأثير ثورة الإنترنت والمعلوماتية الحديثة، إبان ثورة 25 يناير، مبينا أنه أدرك رجال الأمن في مصر، خلال ذلك، ومع تجربة نجاعة وقوة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي مثل: «الفيس بوك وتويتر»، إذ إن جرائمهم لن تمر مرور الكرام، وأن الأجيال الجديدة للشباب المصري، واكبت بشكل أو بآخر، التطور المستمر والمتلاحق لثورة التكنولوجيا، وخاصة في كيفية الاتصال والتواصل، عبر المواقع الاجتماعية. وهي وسائل على بساطتها، أتاحت وساهمت في الإعداد والتجهيز لثورات شعبية يتم تفجيرها ضد الأنظمة الحاكمة، وفقًا لسيناريوهات مسبقة، يتم تداولها بأكبر قدر من الأمن والأمان بين مستخدميها، وعلى الأصعدة العالمية والمحلية كافة، وفي أزمنة قياسية مقارنة بما كانت تستغرقه الثورات الشعبية السابقة.
ويشير المؤلف إلى أنه استوعبت الأجهزة الأمنية الدرس، وعلمت جيدًا أن الشباب المصري، خصوصاً، والعربي عموماً، يملك من القدرة والكفاءة ما يمكنه من استيعاب تكنولوجيا العصر واحترافية التعامل معها، للقضاء على الفساد والمفسدين، دون عنف أو إراقة للدماء، وخاصة أن تلك الثورة في نفوس الشباب لم تقم فجأة، بل سبقتها سنوات من الشحن النفسي والعقلي، والغضب، وقد تضمنت سيناريوهات متعددة لتنفيذها ومواجهة الاحتمالات كافة، وتحديد طرق وأساليب المواجهة، وفق أصول علمية تكنولوجية صحيحة، حتى أصبحت مثالاً يدرس ويقتدى به في جميع دول العالم.
و يرى الرشيدي أن شبكة الإنترنت تم استخدامها كسلاح ذي حدين، وكذا استخدمها شباب الثورة في الحشد، فلجأ إليها مناهضو الثورة (داخل وخارج مصر) -على حد تعبير المؤلف- لإحداث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين عبر بث معلومات مغلوطة ونسبتها إلى المسؤولين في البلاد.
وتبادل عبارات مسيئة للأديان بين مستخدمي الشبكة، ومحاولة استغلال الأحداث الطائفية لتأكيد روح العداء بين أطياف الشعب المصري، الأمر الذي استدعى من المؤلف أن يلفت إلى ضرورة الحيطة والحذر من الشبكة العالمية للإنترنت.
ويدور الكتاب في فلك أفكار رئيسية ثلاث، تحتل كل منها فصلاً كاملاً، والفكرة الأولى هي حول دور الإنترنت في نجاح ثورة 25 يناير، وتأتي البداية مع ويكيليكس وتسريبات الموقع المثيرة للجدل والتي غيّرت في سياسات العديد من الدول على مستوى العالم، ومعها بدأ ترسيخ مفهوم وأهمية وخطورة شبكة الإنترنت.
وكانت تلك هي العاصفة الإلكترونية الأولى التي تجتاح دول العالم، فأعقبها تسونامي إلكتروني أحدثه شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير، ممن فاجأوا العالم بترسانة أسلحة تكنولوجية افتراضية لا تخلف دمارًا، أو تخريبًا.
ولم يفت الخبير الأمني محمود الرشيدي، أن يتحدث عما سماه "الاستخدامات غير المشروعة وغير الآمنة" لشبكة الإنترنت في عمليات النصب والسرقة والاحتيال والسب والقذف والتشهير بالغير، وانتحال الصفة وشيوع تلك الممارسات غير المشروعة في الفئات العمرية المختلفة، وخاصة بين الشباب من الجنسين، مشيرًا إلى تأكيد الإحصاءات على تنامي تلك العمليات بين شباب الجامعات والمعاهد، وهي جرائم يعاقب عليها القانون.
ولكنه، يبين في الوقت نفسه، انه ابتكر الشباب أساليبهم في إدارة ومتابعة وتوجيه فعاليات الثورة، من خلال المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت، حيث تم تشكيل لجان شعبية لحماية الأحياء من السرقة، والاعتداء، وتشكيل مجموعات شبابية من الجنسين لرفع المخلفات وتنظيف وتجميل وطلاء الأرصفة والشوارع، فضلا عن تشكيل مجموعات شبابية أيضًا للمرور على المخابز ومحال بيع المواد الغذائية للتوعية بعدم استغلال الظروف الراهنة وما صاحبها من تحديات ورفع لأسعار المواد الغذائية.
أما الفكرة الثانية فتدور حول عالمية الثورة وميدان التحرير، ومن خلالها يتناول المؤلف ردود الفعل العالمية على الثورة المصرية، وكيفية تحوّل ميدان التحرير إلى محط أنظار العالم كله، بينما اختصت الفكرة الثالثة في الكتاب بالحديث عن إيجابيات وسلبيات استخدام شبكة الإنترنت عقب نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير.
كما يضم الكتاب ملحقًا لذكريات الثورة وأحداثها منذ يوم الخامس والعشرين من يناير، مرورًا بموقعة الجمل، واللجان الشعبية، وحكومات: أحمد شفيق، عصام شرف، الجنزوري. ومن ثم تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسؤولية مؤقتًا، إلى حين تسليم السلطة للمدنيين عبر انتخابات حرة ونزيهة.