ماذا تقول يا صاحبي؟.. ادرأْ ... ولا تنحنِ.!!
■ سأخبرك بما يدهشك كما أدهشني.. وفحوى الخبر: أنني كنت في حديقة السبكي قبل أيام معدودة أقرأ معلقة الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد البكري... وبالتحديد قوله:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له بتاتاً، ولم تضرب له وقت موعد
وإذ مر بي صاحبك الأشهر من نار على جبل... ذاك الذي لايعجبه ـ كما تقول ـ العجب ولاحتى الصيام في رجب. وبعد التحية المتبادلة جلس إلى جواري.. وأصدقك القول «بيني وبينك» لم أكن منشرحاً لجلوسه لكنني ـ ومن خلال الحديث ـ سرعان ما أخذت أعيد النظر فيما كونته عنه في السابق من صورة... وإذا به شخص جدير باللقاء وأهل للتحاور والحوار.
●● فعلاً.. إنك تفاجئني بقولك هذا وتثير فضولي.. هات حدثني فكلي آذان صاغية مصغية: ماذا جرى؟ وكيف؟ وبالتفصيل.
■ الحق أقول: لقد كان لقاءاً متميزاً غنياً.. حاراً وفريداً من نوعه فلقد ملأ صاحبك عيني واستحق احترامي وتقديري.. فقد أفادني درساً كنت في أمس الحاجة إلى مثله وسط هذا الواقع المشحون الذي نعيشه.
●● ما الدرس الذي استفدته.. أفدنا ولك جزيل الثناء والاستحسان.
■ الدرس هو: ادرأْ ... ولا تنحنِ.
●● لم أفهم ... ما الدرء.. وما الانحناء الذي تتحدث عنه؟!
■ الذي أتحدث عنه هو درء العواصف التي تداهمنا باستمرار وبتصعيد واضح وضوح جبل قاسيون.. والانحناء هو ما يحاول البعض القيام به لتجنب العاصفة... دون أن يدركوا أنها ـ وكما قال صاحبك ـ ليست مجرد عاصفة عابرة... بل هي عواصف مستمرة والتصدي لها لم يكن ولن يكون بالانحناء أمامها.. بل بدرء جموحها الذي ـ وللأسف الأكثر من شديد ـ لم يكن في حسبان من بيدهم الحل والربط خلال عقود منصرمة.
●● وكيف أقنعك صاحبنا برأيه الذي استحق احترامك وتقديرك؟
■ أقنعني قوله: إن قضيتنا التي تشغل بالنا لن تكون عصية على الحلحلة والحل إذا نظرنا إليها بحجمها بعيداً عن مفهوم «كبرّها بتكبر.. صغرّها بتصغر» وعن قول موال المطربة ربى الجمال «هوّنها بتهون». إن حلها يكون أولاً وقبل كل شيء بإرادة حلها وبعد ذلك بفهمها كما هي في واقعها دون تكبير مفتعل أو تصغير متصنع.. حيث يمكن التعامل معها وبنجاح ومن ثم علاجها... أي حلها. وقد قدم صاحبنا الكثير من الشواهد والأمثلة المستمدة من الزمن البعيد والقريب.. ومن تاريخ شعبنا وبخاصة من ملحمة ميسلون إلى معارك الجلاء والاستقلال الوطني.. إلى مقارعة الأحلاف والمؤامرات الاستعمارية والصهيونية وإسقاطها إلى حرب تشرين.
●● وهل للشاعر طرفة بن العبد علاقة من قريب أو بعيد بهذا الدرس الذي استفدته؟!
■ نعم.. أليس هو القائل وفي المعلقة التي ذكرتها:
لعمرك ما أمري علي بغمة نهاري ولا ليلي علي بسرمد
إذا ابتدر القومُ السلاح وجدتني منيعاً إذا بلّت بقائمه يدي
وإن أدعُ للجُلى أكنْ من حُماتها وإن يأتك الأعداء بالجهد أجهد
فماذا تقول يا صاحبي؟!
■ محمد علي طه
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
