وطن الرحابنة.. تحميه سواعد المقاومين
أُستشهَدُ، فيحملني الرفاق على محفة، بالأصح على أرجوحة حرية، ويركضون بي مثل فراشات سكرى. وقبل ذلك تغسلني أمٌ أو زوجةٌ، وربما حبيبة لا تدري باسمها سوى بندقيتي، تغسلني بأحلام لن تنكسر. يركضون بي ويظلّون، حتى نصل الوطن قبل العدو الإسرائيلي، الذي لا بد وأن نقهره بجمال عشقنا للوطن. ولنا كشهداء أن نعذر الوطن الذي ينشغل عنّا بالاستماع إلى زغاريد الرصاص والصواريخ، وبابتسامات الأطفال الشهداء التي منها يأتي الربيع راقصاً ضاحكاً.
لا تهمني مشاوراتكم، اجتماعاتكم، قممكم، بياناتكم، لأنكم أردتموها مشوّهة مثلكم. ما يهمّني في هذا الوقت أن وطن فيروز والرحابنة، وطن جبران وتوفيق يوسف عواد وسعيد عقل وزكي ناصيف ومهدي عامل وحسين مروة وخليل حاوي ونصري شمس الدين ووديع الصافي ومارسيل خليفة، ما يهمّني أن وطن هؤلاء المبدعين وآخرين كثر، في خطر، وأنهم في نسيج ذاكرتنا وثقافتنا التي لولاها لما كنّا على ما نحن عليه، وأنه يجب علينا جميعاً مساندة الإنسان المقاوم الذي ارتضى أن يفدينا بروحه، فلا نكاد نقارب قامته أبداً مهما فعلنا، لكن هل نمضي جميعاً إلى سفارات الدول الأوروبية والأميركية في كل الأقطار العربية والإسلامية نطالب بطرد السفراء منها، وبعدم عودتهم إليها حتى يعيدوا للمنظمات الدولية هيبتها وقيمها الإنسانية؟ وهل نطالب حكامنا الذين لا يتقنون قول كلمة حق، أن أنصفوا الشهداء وأعمالهم البطولية التي تحافظ لنا على كرامتنا، ونطالبهم بأن قفوا موقفاً وطنياً لا لبس فيه، لمرة واحدة فقط، حتى تثبتوا أنكم تخافون على لبنان وقبله على فلسطين وبعدهما على العراق؟
لن أنتظر ردّ فعل من أحد منكم، وسأمضي إلى شهادتي ويشفع لي أنني أعشق لبنان والحرية، فهما وجهان لجغرافية واحدة، ومن يكن شفيعه عشق لبنان والحرية لا بدّ أن يسطّر كتاب الأرز بدمه.