السينما السورية معركة صحفية معتدلة تغير الوجوه وتبقي على الآلية

بعد الملف الصحفي الذي فتح في عام 1999  لم تتقدم السينما السورية خطوة واحدة بل تراجعت إلى الخلف عشرات  الخطوات..

 ■ الاستاذ مروان حداد                                                                                ■ الاستاذ محمد الأحمد

قبل اربع سنوات خاض مجموعة من الصحفيين والمخرجين السوريين معركة صحفية، في محاولة لكشف  واقع السينما السورية المتمثلة بالمؤسسة العامة للسينما والتي كان مديراً لها في حينه المخرج مروان  حداد. جُمعت هذه المقالات تحت عنوان السينما السورية «وقائع معركة صحفية»، كي يحفظ للتارخ أن الهدف من وراء هذه المعركة لم يكن إلاّ «دفاعاً عن حق الصحفي في نبش الملفات مهما كانت النوايا المبيتة أو التي يظن الآخرون أنها موجودة» وكي تظهر أن هذه المعركة لم تكن إلاّ واحدة من المعارك التي بدأت من أجل محاربة الفساد، و استطاعت هذه المعركة الصحفية أن تميط اللثام عن الكثير من  المشاكل داخل المؤسسة وتظهر الأمور على حقيقتها وإن بشكل جزئي.. وقد توسم الكثير من المثقفين والعاملين في الحقل الفني والثقافي  الكثير من هذه الحركة. وانتهت الأزمة كلها بإقالة مدير عام المؤسسة

«مروان حداد» وإدخال هيئات الرقابة والتفتيش إلى المؤسسة.

الآن بعد ما يزيد على أربع سنوات من هذه المعركة ما الذي حصل؟ تسلم السيد محمد الأحمد مديراً عاماً لمؤسسة السينما وقد تمنى الكثير من الأشخاص، الخير لهذه المؤسسة. فهل حققت هذه المعركة أهدافها المرجوة؟

هل هذه هي طموحات مؤسسة السينما أن تحافظ على نفس الآلية بتغيير الوجوه فقط، بعيداً عن تجديد فرش المكاتب أو تغيير الموظفين. هل نحن في الطريق القويم للخروج بسينمانا إلى منافسة شريفة في مهرجانات بعيداً عن الحسابات، والمنافسة على جوائز عالمية من جديد أم سنكتفي بإنتاج أفلام لا ترضي حتى المتفرج السوري.

هل هذا هو الواقع السينمائي الذي سعى إليه أصحاب المعركة الصحفية، هل زالت الخسارة المالية، هل استطعنا أن نكسب أي ربح حتى على الصعيد المعنوي؟ إلى أين وصلت الجهات التفتيشية التي دخلت إلى المؤسسة؟ أسئلة تكثر أمام واقع المؤسسة الذي لم يتغير قيد أنملة بل ازداد سوءاً في الكثير من النواحي.

نحن نعلم تماماً أن الإنتاج الثقافي هو إنتاج ليس بالضرورة أن يكون إنتاجاً رابحاً، والقصد منه ليس الربح بالدرجة الأولى إلاّ أن الخسارة الإنتاجية ليست عنواناً بديلاً.

فبالنظر إلى الكم الإنتاجي للمؤسسة فإن هذا الإنتاج لم يحقق أي قفزة على أي صعيد، فلم يتجاوز الإنتاج السينمائي الكم السابق، واكتفى بإنتاج فيلم أو اثنين في السنة، وهذه الأفلام لا تعرض على الجمهور السوري بل تُخَزَّن، في المستودعات، ولا يعرف عن وجودها المشاهد  السوري، كالكثير من الإنتاجات الثقافية في سورية.

أما بالنظر إلى النوعية، فلا يزال طابع الـ «الإشكالية» المسيطر بداعي الاختلاف، فجميع أفلامنا إشكالية، وتدعو إلى الحوار، والبحث والتقصي. ويسأل عدد من المشاركين في إحدى التحقيقات السابقة التي أجرتها «قاسيون» ألم يكتف المشاهد السوري من هذه الأفلام الإشكالية، ألا يحق له ببعض الأفلام التي تحقق الشروط الدنيا من المتعة والفرجة، ألا يحق للمشاهد السوري أن يشاهد هذه الأفلام أم أن عليه أن يكتفي بالقراءة عنها في الصحف.

وبالعودة إلى آلية صنع  هذه الأفلام، فإن مخرجينا الكبار ما زالوا يسافرون بأفلامهم إلى أوربا، كي يعملوا على تظهير أفلامهم، وإنجاز المراحل النهائية منها، بينما يبقى المخرجون الجدد يتعاركون مع الأجهزة المحلية ويعيدون عمليات التظهير لأكثر من مرة حتى يحصلوا على نتيجة «أحسن من هيك ما عاد يطلع معنا» ملاحظة (مخرجونا الجدد والشباب تجاوز الواحد منهم الأربعين سنة).

 

بعد الملف الصحفي الذي فتح في عام 1999  لم تتقدم السينما السورية خطوة واحدة بل تراجعت إلى الخلف عشرات  الخطوات.. ربما حان الوقت كي يسلط الضوء من جديد على واحد من القطاعات الثقافية التي عاشت أمجاداً فيما سبق للخروج من حالة الاستعصاء الثقافي.. وربما التقدم بضع خطوات إلى الأمام.