ماذا تقول يا صاحبي؟ سلبية أم سلب

■ نعود إلى مسألة عزوف الغالبية الساحقة من المواطنين عن المشاركة في الانتخابات.. فهناك كما تقول اغتراب حقيقي بين الناخب والنائب...

■ إن الشواهد كثيرة وبالإضافة إلى كون قانون الانتخاب قديماً ومتخلفاً فهناك ظواهر دخلت الساحة من أوسع الأبواب وفي مقدمتها ظاهرة شراء أصوات الناخبين ـ كما شاهدناها في انتخابات مجلس الشعب ـ  جهاراً نهاراً والوصول بواسطتها إلى ما تحت قبة البرلمان. والأسوأ أن هؤلاء يمدون خراطيمهم إلى مجالس الإدارة المحلية وينظمون قوائم على نطاق دوائر العاصمة الخمس بإشرافهم ومشاركتهم المادية و «المعنوية» مستكملين بها توسيع مناطق نفوذهم... وهم يحددون علناً أن من على قوائمهم صائرون إلى النجاح!!

■ دون غوص في التفاصيل التي يتداولها الناس في لقاءاتهم وحديث المضافات التي تستدرج البعض بما تحويه من مآكل وأطايب ومشارب من.... السجائر إلى الأراكيل وتوابعها. فإن نظام الانتخاب عملياً لم يكن سوى غطاء شكلي لتقرير النتائج المقررة مسبقاً وهذا يذكرني بقصة الحوار بين مواطن محلي ومستشرق أوروبي.

■ وماعلاقة الحوار هذا وما نحن بصدده من كلام عن واقع الانتخابات؟!

■ الحوار في الأصل يدور حول الانتخاب وخلاصته أن المستشرق كان يحدث مواطننا عن نظام الانتخاب عندهم وعن التنافس بين المرشحين، وحين وصل بكلامه إلى أن صناديق الاقتراع ـ هي وحدها ـ بعد فرز الأصوات تحدد من حصل على نسبة النجاح الفعلي، وعندها فقط يعرفون الفائزين، قاطعه المواطن المحلي قائلاً: إذا كنتم لاتعرفون الفائزين إلا بعد فرز الأصوات فإننا نعرفهم قبل أن تجري الانتخابات!!

■ وماذا كان تعليق المستشرق على هذا القول؟!

■ فغر فاه وعلت الدهشة وجهه... واصبح المستشرق مستغرباً!!

■ كلما راود الأذهان احتمال انطلاق خطوة إلى الأمام جاء الواقع ليكشف أن هناك خطوتين إلى الوراء ولا خطوة إلى الأمام.. إنني أتساءل: ألا يستدعي هذا الواقع دراسة وتحليلاً ويتطلب إجابة مقنعة عن الاستفهام الكبير: ما السبب ومن المسؤول؟! أم أن الحالة هذه مقصودة وتحظى بقبول أولي الأمر؟!

■ لا أصدق أن مثل هذا الواقع لايحرك ساكنا.ً فالهوة المنتصبة بين المواطنين وبين المجالس ظاهرة واضحة وضوح الشمس، ويجب ردمها وإيجاد صلة حية حقيقية بين المواطنين والمجالس المذكورة... وليس صحيحاً أن إحجام الغالبية عن المشاركة مرده إلى سلبية هذه الغالبية.. وعلى العكس تماماً فهناك سلبية إشراك المواطنين في اختيار من يريدون لامن يراد لهم وفي ذلك سلب لإرادتهم فماذا تقول يا صاحبي؟!

■ محمد علي طه

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.