كثير من القنابل... قليل من السياسة!!

هاهو العالم يجند كافة وسائله الإعلامية، من صحافة مرئية ومسموعة، بعد الحادي عشر من أيلول لخدمة هدف واحد وتحت عنوان واحد هو «العالم يتذكر» أو عناوين أخرى متفرقة تصب في نفس الاتجاه، الجميع كان يتذكر كل ما حدث عشرات المقالات والنظريات وإشارات استفهام بدأت بالخروج، محورها الأساسي أحداث 11 أيلول وأبعادها، وكان للصحافة العربية دورها.

تباين دور الإعلامي بين متألم ومتفجع، وموضوعي باحث عن الحقيقة وبين معاد لكل ما حدث إيجاباً أو سلباً، وفي الطرف الآخر كانت هناك صحافة تجاوزت الموضوع وكأن شيئاً لم يحدث، في هذا العدد نفرد صفحتنا هذه لتناول وبحياد أبرز ما كتب من تحليلات وقراءات بمناسبة مرور عام على أحداث 11أيول مع أهم الأدباء والمفكرين عرباً وعالميين.

وقد تناولت الكثير من الصحف الغربية هذا الحدث من كافة زواياه، وكانت من بينها فصلية «غرانتا» الأدبية التي أفردت في عددها الأخير الصادر في العام 2002، ملفاً عنون بـ«What we think of America» تناوب فيه 24 من كتاب العالم وأدبائه، للحديث عن نظرتهم لأمريكا عموماً ونظرهم لها بعد الأحداث، استطاع هذا الملف بجدارة أن يفضح سفسطائية عدد كبير من أدباء العالم، وعدم قدرتهم الخروج برأي واضح المعالم تجاه أمريكا بعد الأحداث، وتنصلهم من الخروج بموقف بعيداً عن رفض البعض لثنائية «مع أو ضد أمريكا» فنقرأ آراء متباينة تطالعنا بداية مع جون غراي ودوريس لسينغ «بريطانيا» وديفد معلوف «أستراليا» الذين يعبرون في مقالاتهم عن آرائهم من خلال تجارب شخصية، ليخرجوا بنتائج،ترفض هذه الثنائية دون التصاقها ببلد معين أو سياسة معينة «أمريكا»، في الطرف الآخر نجد كتاباً رفضوا الكشف عما عندهم،  كما كتب الكاتب الألماني الأصل أين بورما عندما قال:«كلنا يريد قضمة من أمريكا، بمن فينا أولئك الذين يحملون ضغينة تجاه السياسة الأمريكية».

وبالرغم من أن الأسلحة التي تقذف رام الله  هي أسلحة أمريكية، فإنها لم تمنع الكاتب الفلسطيني رجا شحادة من القول بأن أبناء رام الله المقيمين في أمريكا يفوق عددهم ذاك الموجود في رام الله نفسها، ولم تمتنع الكاتبة المصرية أهداف سويف، عن الكتابة عن الدور الذي لعبته  الموسيقى والأدب الأمريكي في تكوينها الأدبي. وحقيقة أن هنري كيسنجر كان أشد الشخصيات مقتلاً في مطلع السبعينات، لم تمنع وقوع الكاتبين  أمييت تشادوي الهندي أو الروائي التركي أورهان باموق أسيري فتنة الصورة والسلعة الأمريكية، والقصف المتواصل لبلغراد في التسعينات من القرن الماضي لم تمنع الصربي ألكسا دجيلاس من ألا يخون ولاءه المبكر إلى كل ما هو أمريكي وضد ما هو سوفيتي.

وفي الجانب الآخر نجد مجموعة من الأسماء التي أبدت موقفاً أكثر صراحة مما سبق كما فعل الشاعر الألماني هانس مانغوس ابن جيل الستينات اليساري والمعادي لكل ما هو أمريكي، الذي يكتب: أن الخوف من السيطرة الأمريكية على أوربا، وصوغ أوربا على مثال الثقافة الأمريكية، هما من قبيل عقدة التظلم ولا مبرر لهما، فلم تنفك أمريكا ذلك المكان البعيد والساحر بالنسبة إلى أوربا.

ونتابع بالنفس نفسه ما كتبه هارولد بنتر: الذي يقول أن أمريكا هي وحش نابت الريش تماماً، فاز بالجائزة، مطلي بالذهب.. لا يفهم سوى لغة واحدة لغة القنابل والموت.