المخرج الأمريكي أوليفر ستون:«جورج بوش» كارثة على أكثر من صعيد..ليست المرة الأولى التي تهاجمني فيها الصحافة الأمريكية

أوليفر ستون هو واحد من المخرجين القلائل في أمريكا الذي لم يؤطر ضمن آلية العمل السينمائي الاستهلاكي، ولم يدرج في إطار مخرجي هوليود بأي شكل. وعبر تاريخه السينمائي بقي محافظاً على خطه وفكره متمرداً على الكثير من القيم والمفاهيم الأمريكية، فاضحاً كل العيوب والأمراض في هذا المجتمع الاستهلاكي، فخرج بعدة أعمال هامة كان أبرزها فيلم «قتلة بالفطرة» والذي تعرّض الكثير من مشاهده للقص والحذف وكاد أن يمنع من العرض على الشاشات السينمائية، وبعد عرضه تعرض لموجة من الاعتراضات على القسوة التي يعري فيها حقيقة المجتمع الأمريكي. أولفر ستون مخرج متمرد، ومختلف، وفيما يلي ترجمة لحوار أجري معه في إحدى المطبوعات الأمريكية قبل فترة قريبة:

 هل تعتقد أن السينما الهوليودية ستشهد منعطفاً في تاريخها في نظرتها إلى الخارج بعد أحداث 11 أيول؟

أستطيع أن أؤكد أن هناك تغيراً ما سيحصل داخل هذه البنية المتراصة في آلية تفكير العاملين في هوليود، أما اتجاه هذا التغيير أو هذه النظرة فهذا ما لا أستطيع أن أخمنه.

 استطعت عبر الكثير من أفلامك أن تعري المجتمع الأمريكي وتبين الكثير من أمراضه هل ترى أن هذا المجتمع بعد كل الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت به قد يراجع نفسه ليتخلص من الأمراض التي علقت به؟

حتى يستطيع التخلص من هذه الأمراض عليه أن يعي أن هذه الأمراض موجودة لديه أصلاً، إلاّ أن كل السياسات والفكرة المجردة للحلم الأمريكي ، ترفض الاعتراف بأن هناك أمراضاً مزمنة تفتك بالمجتمع الأمريكي، وليست تلك الوحدة الوطنية التي تمظهرت في وسائل الإعلام إلاّ زيادة في الإمعان بأن هذا المجتمع مجتمع سليم، ولا يعاني من أية مشاكل، لا بل أعتقد أن هناك آثاراً سلبية ستعترض المجتمع الأمريكي، خاصة بعد أن يشعر المواطن الأمريكي بفقدان الحرية المعلبة التي كان ينعم بها قبلاً.

في فيلمك «وول ستريت» الذي أنجز قبل أكثر من 15عاماً كان شعار بطل الفيلم مضارب البورصة هو «الطمع جيد»هل تعتقد أن الجشع قد عاد إلى الكرة الأرضية مرة أخرى؟

أنا أعتقد أن الجشع لم يغادر أبداً، لقد تبينا هذا المفهوم الكلي للرأسمالية وتركناها تذهب أبعد مما يجب. ودون أي رادع أو قوة توقفها، وأظن أن كلاً منا اقتنع بالفقاعة بمن فيهم أنا.

هل تعتقد أن السياسة الأمريكية الخارجية تسير في الطريق الصحيح؟

 شاهدنا الأسبوع الماضي إعادة نظر في التصرفات السابقة للرئيس بوش. وسوف أتكلم عنه من وجهة نظري اعتقد أنه كارثة حقيقية على كل صعيد، فكلينتون رغم كل أخطائه كان سينظر في البدائل على نحو أكثر شمولاً. واؤكد مرة أخرى أن الرئيس بوش هو كارثة حقيقية على أكثر من صعيد.

هل تقصد بذلك الحرب التي أعلنها بوش على ما يسمى الإرهاب؟

 تقريباً الحرب على الإرهاب والحرب على المخدرات، والحرب على كل بلد لعين ضد أمريكا، وتوحيد العالم وفق وجهة النظر  الأمريكية، وإهمال الحلفاء عن قصد. إنه لأمر مذهل لي بعد كل هذه السنوات أن أكون جزءاً من شيء، ثم نصبح فجأة انعزاليين، ليس علينا أن نكون ذلك المتنمر المسيطر، حقاً ليس علينا ذلك، ولا أعتقد أنه دور يريده معظم الأمريكيين. أما إذا كان للأمريكيين أي خيار حقيقي وعرفوا وجه سياستهم الخارجية وكيف تبدو فإنهم سيفكرون مرتين في الدعم الذي سيقدمونه لبوش، أو لأي ممن يمثل هذا التوجه السياسي.

هل تعتقد أن بوش سيكون مادة صالحة لفيلم قادم؟

مادة هائلة لفيلم كوميديا سوداء بامتياز.

وكيف ترى الحرب القائمة على الإرهاب حول العالم وإلام تعزوها؟

لقد نجح الإرهابيون أكثر مما يحلمون به، هناك حرب قديمة تجري على الأرض .. حرب قديمة تجري بين المسلمين وبين المسيحيين، والمتطرفون على الجانبين يحبون ذلك ليصبح الأمر «الشرق ضد الغرب»، إلاّ إن الأمر الذي لم يحسب حسابه الكثيرون، هو أن المتطرفين خطرون في كلا الجانبين، وليس الجانب الآخر فقط، وأريد أن أؤكد هذه النقطة: هناك أناس يضرمون النار على الجانبين الآن، الأمر يتوقف على المعتدلين والناس الأذكياء، ليتقدموا ويسيطروا على الموقف.

 وأعتقد أن هذه الحرب إن لم تكن أسبابها الحقيقية هي صراع أقطاب خفية لها ارتباطاتها المالية أولاً ، فإنها سرعان ما ستتحول إلى ذلك قريباً وأنا لا أستطيع أن أؤكد بالتحليل أن الأسباب الأولى لانطلاقة الحرب هي هذا الصراع بشكله المباشر،،إلاّ  أن جميع المؤشرات التي ظهرت بعد أحداث 11 أيلول من انهيار أسواق مالية وفتح جبهات متعددة حولها تؤكد وتدعم ما أقوله عن حقيقة هذه الحرب.

ما سبب الهجوم المتكرر للصحافة الأمريكية  عليك منذ 11 أيلول و إلى الآن، واعتبارك معادياً للأمريكيين؟

 ليس هجوم الصحافة الأمريكية جديداً علي، فقد سبق وهوجمت على أفكار أطلقتها في مناسبات كثيرة قبل 11 أيلول، كما أن أفلامي التي أخرجتها كانت لا تلاقي صدىً طيباً، عند تقديمها، وتعرضت مقصات الرقابة للكثير من الأفلام التي صورتها، أما بالنسبة لما بعد 11 أيلول فإن كل ما قلته أخرج عن سياقه بطريقة خطيرة، ولا أعتقد أنني قلت شيئاً مسيئاً، ولم يكن أي شيء قلته على يسار ما قاله كوفي عنان في الأمم المتحدة، بعد الأحداث بفترة فقد شهدت أمريكا الكثير من التقلبات والأحاديث والأقاويل، وصعد الكثيرون منابر مختلفة، ولم اختلف عنهم بشيء، كل ما قمت به هو أنني أصدرت بيانات معتدلة بالمقاييس الدولية، ولكن للأسف فإنها في أمريكا تعتبر خطيرة.