جهاد أبو غياضة جهاد أبو غياضة

حين يعود الفن رسالة وهوية ثقافية

في بادرة ليست بالاستعراضية أو بالجديدة أقامت «ورشة البستان للثقافة والفنون» حفل تكريم لأسرة الفيلم السوري «الليل الطويل» الذي حصد العديد من الجوائز العالمية الرفيعة المستوى في المهرجانات العالمية كجائزة أفضل فيلم في مهرجان نيودلهي لأفلام آسيا والعالم العربي وجائزة اتحاد نقاد السينما العالميين ومؤسسة دعم الفيلم الآسيوي في المهرجان نفسه وحصوله على تنويه خاص من مهرجان الفيلم العربي في روتردام بهولندا وكان الفيلم قد حاز الجائزة الكبرى في الدورة الخامسة والخمسين لمهرجان «تاورمينا السينمائي» لدول البحر المتوسط.

فـ«ورشة البستان» التي أسسها الفنان فارس الحلو عام 2006 ببادرة شخصية وجهود ذاتية تشكل «جزءاً من ممارسته للمواطنة» على حد تعبيره أطلقت الكثير من المشاريع والمبادرات الثقافية والفنية الجليلة والجدية لتقديم حالة تساهم في أغناء الواقع الثقافي ورفع سوية حراكه التفاعلي. كـ«ملتقى النحت الدولي الأول والثاني» الذي أقيم في مشتى الحلو إلى «ملتقى الرسم الدولي الأول» الذي ضم نخبة من القامات الفنية الهامة على مستوى العالم، ومعرض بعنوان «قصائد الفن التشكيلي»، وهي أول تجربة من نوعها في سورية وكل ذلك بجهود فردية وغياب تام لأي اهتمام من المستوى الرسمي الثقافي السوري ناهيك عن مشكلة التمويل وصعوبات تأمينه.
أما فيلم «الليل الطويل» (ألّفه المخرج هيثم حقي وأخرجه حاتم علي) فتدور قصته ضمن ليلة طويلة يتم فيها إطلاق سراح ثلاثة من السجناء السياسيين من السجون السورية واستعداداتهم للخروج للعالم بعد سنوات طويلة قضوها خلف القضبان، وردود أفعال عائلاتهم حيث يخرجون بشروط سياسية مذلة، وبعد مساومات على الفكر والحياة أما السجين الرابع فيبقى حبيس الجدران دون أن يُتاح له المجال كي يرى النور.. يتناول الفيلم هذه الليلة الطويلة بصمتها وصرخاتها، ويرصد حالة سياسية متشابكة حيث يتحكم الأمن في مصائر البشر بمن فيهم المثقفون والمبدعون. وقد جسّد شخصيات هذا الفيلم عدد من الفنانين السوريين الكبار أبرزهم: رفيق سبيعي، خالد تاجا، سليم صبري، نجاح سفكوني، حسن عويتي، وأمل عرفة وباسل خياط وفادي صبيح وضحى الدبس، وشارك فيه أيضاً مخرجه حاتم علي..
وعن فكرة التكريم قال الحلو: «التكريم هو تعبير صادق للاحتفاء بزميلاتنا وزملائنا الذين حققوا نجاحا جميلا في فيلم الليل الطويل الذي كنا نتمنى أن يتم عرضه في مهرجان دمشق السينمائي إلا أنه وللأسف ونتيجة ظروف غير مفهومة ورغم وجود عدة فرص لعرضه حتى لو كان المخرج حاتم علي عضوا في لجان التحكيم فإن الجمهور حرم منه».
الفيلم ورغم شهادة ميلاده الإنسانية والشهادات الفنية الكبيرة التي يحملها إلا انه ما يزال برسم اللقيط في نظر المؤسسة العامة للسينما ووزارة الثقافة السورية.