ماذا تقول يا صاحبي «قضايا ذاتية»

● مع احترامي للدافع وراء موضوعات زاويتك ،وتقديري للعرض وللحوار، فإنني أرى أن أحاديثنا لا ثغطي  إلا الجانب السياسي تحليلا وأخبارا، ومع أهمية ذلك فهي لاتشمل أو تطال الكثير من الأمور الذاتية والعلاقات الأسرية والاجتماعية وحتى الفنية أو الرياضية ،وأود صادقا أن نفتح  بعض المجال أمامها في هذه الزاوية !! فهي تحتل حيزا «محترما» في علاقات الناس العادية والحميمة على حد سواء!!!  

• أنا  يا صاحبي أدرك حقيقة ذلك، إلا أننا في غمرة العمل السياسي تعلمنا ومن ثم تعودنا كأفراد أن نرجع «قضايانا» الذاتية إلى الخلف مفسحين  المدى رحبا أمام القضايا الأهم وأعني القضايا العامة التي ترتبط بالشعب والوطن، وأجزم أن هذا الأمر كان معروفا بل ممارسا من غالبية العاملين في الميدان السياسي وأخص الملتزمين بشعبهم ووطنهم على الرغم من وجود استثناءات لبعض «الذوات» ممن دفعتهم ذواتهم إلى «شخصنة» أعمالهم فغدت ذواتهم  المتورمة انتفاخا  هي الأبرز إن لم نقل هي الهدف الأهم!!

● ألسنا بحاجة أحيانا للحديث عن بعض الأمور الذاتية ولا أقول القضايا الذاتية .أليس من حقنا أن نستعرض شيئا منها ؟!.

• نعم من حقنا وإلا غدت حياتنا وظيفة نمارسها ولا «نمتزج فيها».

وبناء عليه سأسرد على مسمعك هذين الحدثين الذاتيين اللذين أرى فيهما ما يستحق السرد:

الأول جرى عام 1968 يوم كنت مكلفا بتدريس مادة اللغة العربية في ثانوية الزبداني بمحافظة ريف دمشق  ففي نهاية العام الدراسي صدر قرار بتعييني مدرسا للغة العربية في  «ثانوية عفرين» بمحافظة حلب مكان محمد علي طه المدرس في تلك الثانوية والذي نقل منها ليدرس في ثانوية الزبداني  «مكان إقامته الأصلية، علما أننا نحن الاثنين درسنا في جامعة دمشق وتخرجنا منها معا   والطريف أننا كنا على طرفي نقيض في الانتماء السياسي فهو يميني متعصب وأنا يساري حتى العظم.» وكان في عداد المتخرجين معنا رفيقنا الراحل عادل الملا أبو محمد!!!! الذي يعرف هذا «الحدث» بأدق تفصيلاته.

● وما الحدث الثاني... حدثني عنه فقد شوقتني؟!

• الحدث الثاني جرى بعد ثلاثين عاما من الحدث الأول  فلقد التقينا في دمشق عدداً من أعضاء وقد أدباء فلسطين المحتلة الذي زار سورية ضيفا مكرما ،وخلال  لقائي أحدهم وبحضور الرفيق الراحل عادل الملا تم التعارف «وهنا تم الحدثالطريف النادر»:

قال الضيف:أنا محمد علي طه مدرس للغة العربية في الأرض المحتلة.... وأنا عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني.

قلت: وأنا محمد علي طه مدرس اللغة العربية في ثانويات دمشق وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري!!!!!!

وكان هذا الحدث مؤثرا استقطب اهتمام كل الحاضرين فلقد تطابقت الأسماء والعمل والانتماء، وقد أهديته ديواني «قمر إلى فهد» «وأهداني كتابه» جسر على النهر الحزين وهذه كلمة إهدائه :

للمرة الأولى في حياتي أهدي كتابي إلى نفسي....... هذا الكتاب من محمد علي طه المقدسي الميعاري إلى محمد علي طه الشامي... مع المحبة 13 آب 1997 محمد علي طه !!!

فماذا تقول يا صاحبي؟