في معرض دمشق للكتاب الأسعار كاوية..... والجيوب فارغة.. والرقابة بألف خير !

دمشق كالعادة وفي كل عام على موعد مع معرض الكتاب الذي أصبح تظاهرة ثقافية مهمة لدى شريحة واسعة من المثقفين والمهتمين وقد شارك هذا العام في هذه التظاهرة عشرون دولة عربية وأجنبية متمثلة ب« 73 » داراً للنشر، وعرض نحو أكثر من« 83 » ألف عنوان شمل شتى مجالات الفكر والسياسة والعلوم المعرفية والأخلاقية.

التنظيم من سئ إلى أسوء

تنظيم المعرض لم يختلف كثيراً عن السنوات الماضية وهذا ما اشتكت منه معظم دور النشر، وخاصة من ناحية الديكور الذي صمم على طريقة « زينغو ورينغو » مما جعل الكتب تتطاير بمجرد هبوب نسمة هواء، ولعل السماء كانت أرحم من المشرفين والمسؤولين على المعرض وأنقذتهم، فلو هطلت الأمطار لمدة دقائق معدودات لعض أصحاب دور النشر أصابعهم ندماً على المشاركة ولأتلف آلاف الكتب التي لاتعوض بثمن؟.

النقطة الثانية التي عانى منها الزوار ودور النشر معاً السئ الذي لم يعط الفرصة الكافية لرواد المعرض لزيارة جميع الأجنحة وقد وصل الأمر بعض القيمين حد طرد الزوار بعد انتهاء الوقت الذي لم يكن كافياً كما وترافق ذلك بالإهانة والإذلال من قبل بعض المشرفين.

من أزمة المكان إلى أزمة السعر

توزيع الأجنحة الذي منصفاً هذا العام نوعاً ما، ورجوع المعرض إلى مكانه الطبيعي بساحة مكتبة الأسد، جعل الإقبال هذه السنة أضعاف السنة الماضية كن حل أزمة بُعد المكان لم يحل دون أزمة السعر إذ بقيت الأسعار كاوية، وخاصة الكتب الفكرية، وبشكل متفاوت، فبعض الكتب التي لا تتجاوز «200» صفحة عرضت ب«400» ل.س، ومبدأ الحسميات ليس فيه شئ من الصحة وهي تضليل للقارئ أو كما يقال ( الضحك على اللحى) وقد جاء ارتفاع أسعار الكتب الفكرية لصالح الكتب الدينية التي لاقت رواجاً وإقبالاً كبيراً من القراء، فأحد دور النشر ذكرت بأن كتاب ( الإسماعيلية) في اليوم الأخير وقد باع منه « 40» نسخة.

ضمير الرقابة أم رقابة الضمير

إن المشكلة التي مازلن نعانيها منذ المعرض الأول وحتى الآن، هي الرقابة التي ليس لها أي معنى سوى التضييق على الكُتّاب والكتابة وحرية في الزمن اللا الممنوع وكم الأفواه، والتي أصبحت من الأمور المعيبة والمهينة في الوقت ذاته للكاتب والكتاب، فللمرة الثانية وللعام الثاني يمنع بيع ونشر كتاب ( تاريخ الأكراد الحديث- لدار الفارابي) وكتب ( العرب ظاهرة صوتية – يكذبون لكي يرون الإله جميلاً – أيها العار إن المجد لك – وجميعها لدار جميل وللكاتب عبد الله القصيبي، ومن منشورات دار الساقي منع عرض سبع كتب منها ( الفتنة في ديار المسلمين) و ( الإسلام تحت الحصار) وطلب رجال ضمير الرقابة الساهرون على أمن الوطن من مدير الدار إخراج جميع الصناديق التي تحمل هذا الكتاب من المعرض وإلا سيحصل مالا يحمد عقباه.

أما دار « كاوا » فقد منع عنها عرض معظم الكتب التي تم طبعها ونشرها وخسروا رسم اشتراكهم ووكالتهم التي وصلت إلى « 38 » ألف ل.س « وهاردلك لدار كاوا » وحظاً أوفر في المرات القادمة تحت إشراف رقابة الضمير . جميع هذه الكتب منعت من النشر والتوزيع بسبب حجة واحدة فقط وهي كما قالها مدير المعرض السيد علي العائدي بأنها لا تستحق القراءة أما حياة نانسي عجرم وروبي وبرجك شو بيقول اليوم فمهمة جداً للقراءة، إنها حقاً بعد في الرؤيا والاستشراف ؟.

أمسية شعرية أم عرض عسكري

لعل الظاهرة الوحيدة التي كان بإمكان مشرفي المعرض ومديره أن يبقوا من خلالها على القليل من ماء الوجه، هي الأمسية الشعرية للشاعر العربي الكبير محمود درويش وتوقيعه في اليوم الثالث على مجموعته الشعرية بعنوان « كشجر اللوز أم بعدها » وفي اليومين كان الجمهور أشبه بمن يحضر عرضاً عسكرياً لا حفلة توقيع كتاب أو أمسية شعرية فرجال الأمن والعسكر دخلوا المكان على طريقة « الكوماندوس » ولم يسمحوا لأي من الحضور الاقتراب من المنطقة الخطرة للشاعر ومصافحته، وبدوره مدير المعرض لم يبخل علينا بقيادته لرجال الأمن والعسكر من أجل رص الصفوف والوقوف على الدور لتوقيع الكتاب وكأن مدير المعرض تكمن مهمته الوحيدة هنا، فانتهى العرض العسكري وانتهى حفل التوقيع وانتهى المعرض وبقي كل شيء على حاله حالة من الفوضى والتخبط في كل مكان وفي كل لحظة.

 

■ علي نمر