صامتون هنا
هل نسأل: بماذا يَعِدنا مثقّفونا الصّامتون رغم كلّ ما جرى؟ هل نسأل وصمتهم لا يَعدنا إلا بمزيدٍ من الصّمت مهما جرى، ومهما سيجري من الدم..؟؟
ماذا عنهم أولئك الذين لم يقولوا شيئاً حيال مواطنيهم الذين يفسحون المجال للحريات العامة التي سبق أنْ غنّوا وهلّلوا لها، بينما قام العاديون الخارجون من وجعهم الواضح بوضع لبناتها الأساسية، بحيث تكون أرضيّة لوعيّ وطنيّ جديد، قابلٍ للإنماء والتطوير في قادم الأيام، بوصفه مصهراً يذيب ميراث الجهل والاستتباع، ويخلق منه الفرد الحرّ في الوطن الحرّ..؟؟ ماذا عنهم أولئك من صمتوا لحظةَ المصير؟
نتحدّث عن الشريحة الواسعة من المثقفين، دون أن ننسى أن منهم من صدقوا ما عاهدوا أرواحنا عليه..
لعلّهم خائفون..؟! إذا كانوا خائفين فبماذا تعدنا ثقافة الخوف أكثر من الخوف نفسه، الخوف الذي لا ينتهي قبل إنهاء معنى الحياة..!
ربما هم حياديون؟؟ إذا كانوا حياديين فبئس الضمائر ضمائرهم، وبئس القلوب تلك التي يحملون في صدورهم..!!
لا، لا.. كل ما هنالك أنّ الرؤى لم تتضح، وأن الفكرة لم تتكوّن، وأن بعد، ثمة بعد وإرجاء فقط؟ إذاً.. هل كانت عقولٌ تلك التي كانوا يعلفونها بالقراءة أم صناديق بويا..؟؟
أوقاتٌ كهذه كفيلةٌ بمحو فضائل الصّمت وجعله أرذل الرّذائل.. فالمثقّفون الصّامتون هنا، صامدون في التساوق مع الجلاد، وصامدون في تثبيت أقدامهم في بؤسهم الأخلاقيّ..
هل من الضروري أن نتذكّر حياة ناظم حكمت خلف القضبان؟ واغتيال ناجي العلي وغسان كنفاني؟؟ وانتحار خليل حاوي كنوع من الاحتجاج؟؟
هل من الضروري العودة إلى تراث ثقافة الرفض أملاً بأن يتحرّك هؤلاء؟؟
لا معنى لذلك، فمن سيقول كلمته لن ينتظر نموذجاً، لأنه سيخلق النّموذج الإنسانيّ الذي لا يتوقف عودُهُ الأبديّ، ما دامت النار تلعلع في ساحة معركة الكرامة الإنسانية.
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.