سامر عادلة سامر عادلة

نقابة الفنانين تقرر... غير مجاز.. غير نقابي... ممنوع من العمل!!

نقابة الفنانين، نقابة ناعمة، صامتة، لا حياة ولا حراك فيها وكأنها الموت... ورغم ذلك يحلم معظم الشباب أن يحملوا يوماً بطاقة الانتساب إليها. والسبب ليس ما تقدمه النقابة من خدمات وما تنتجه من فرص أمامهم بل ربما لمجرد أن يحملوا بطاقة فنان أو لأي غاية أخرى.
من المفترض أن تكون أي نقابة هي الحامي والمدافع عن حقوق المنتمين إليها، لكن أن تكون النقابة هي جابي ضرائب ومقهى لقضاء أوقات الفراغ، ومكتب لمراكز وظيفية وهمية، فهذا لعمري لا يحدث إلا في بلادنا... بلاد العجائب .

نقابة الفنانين والصحوة المتأخرة
كانت النقابة وحتى وقت قريب تكتفي بجباية ضرائب المنتسبين إليها وهي الاشتراك السنوي، التقاعد، الوفيات، وأذونات العمل للفنانين العاملين في هذا الحقل من خارج النقابة.
أما الخدمات التي تقدمها للمنتسبين إليها فهي: ضمان صحي، معونة الوفاة، وراتب تقاعدي.
وكانت الأمور تسير دون هكذا بهدوء وبدون إزعاج إلى أن تسلمت الفنانة جيانا عيد مكتب التنسيق والتشغيل الدرامي وأعلنت عن اجتماع مع الفنانين للاستماع إلى مشاكلهم ومعاناتهم، وتم ذلك.
وبعد هذا الاجتماع تم نفض الغبار عن بعض القوانين القديمة المنسية وفُعلت من جديد وصدرت عدة قرارات جديدة قُوبلت بالرضى والقبول من البعض، أما بعض الخبثاء فقد رأوا فيها حركة وقتية للفت الانتباه إلى مجلس النقابة الجديد كي يحصل بعض أعضائه على فرص وحصص في الأعمال الفنية القادمة، خاصة أنه مع كل مجلس جديد يتم تداول مشاكل الأعضاء في البداية ثم بعد فترة ليست طويلة ينسى الجميع كل شيء وتعود حالة الفوضى كما كانت عليه، لكن مع وجوه جديدة.

أما القوانين والقرارات التي تم تفعيلها فهي:

- تأمين فرص عمل مناسبة للفنانين النقابيين وإذا أردنا الدقة نقول فرض الفنانين النقابيين على الشركات الإنتاجية.
- منع أذونات العمل لغير المختص ولغير النقابي.
- تصنيف الفنانين ورفع أجورهم بحيث يكفي أجر عمل واحد لسنة كاملة، وإذا أراد الفنان أن يعمل مرة أخرى تُفرض عليه ضريبة تتصاعد مع تكرار العمل خلال العام الواحد.
 
من هو النجم؟ ومن هو الكومبارس؟

لاشك أن هذه القرارات جيدة وجميلة جداً وتصلح بشكل ممتاز لأي نقابة، لكنها وبكل أسف أثبتت فشلها لدينا، وذلك لسباب مختلفة أبرزها:
- إن نقابة الفنانين لا شخصية لها، ولا تستطيع فرض قراراتها.
- إن الجهات المنتجة غير معنية بتصنيفات النقابة، فالذي تعتبره النقابة ممثل أول قد لا ترى فيه بعض الشركات ذلك.
ومن يُعتبر كومبارس في النقابة قد يكون النجم الأول لدى البعض، وهذا ما نلمسه في أعمالنا التلفزيونية.
إن شركات الإنتاج تختار الفنانين الذين يوفرون لأعمالها أوسع انتشار، وليس مفاجأة أن نقول إن معظم هؤلاء الفنانون ليسوا نقابيين وبعضهم لا يحمل أي شهادة بما فيها حسن السلوك.
لقد أثبتت النقابة فشلها في تفعيل مكتب التشغيل الدرامي. قد تستطيع تأمين فرصة عمل لموسيقي ومطرب وراقصة في أي كازينو، لكنها لا تستطيع فرض ممثل على شركة إنتاج، ولا تستطيع تنحية مخرج من خلف الكاميرا رغم أن القانون يجيز لها ذلك، أما لماذا لا تفعل وهي قارة، فيجيب بعض الخبثاء أن ورقة الألف ليرة لها شخصية وفاعلية وقوة أكثر من جميع القوانين والقرارات النقابية.
كل هذا ربما كان يحصل فيما مضى وعفا الله عما مضى، أما الآن وقد فتحت السيدة جيانا عيد الباب وأيقظت بعض القوانين والقرارات النائمة، نرجو أن لا يأتي أحد ويغلق هذا الباب بعد فترة بسيطة، ونعود كما كنا نعيش ونتنفس الفوضى.
 
مخرجون... نجوم...

ممنوعون من العمل!
بعد أن منعت النقابة أذونات العمل تكون قد عالجت مشكلة الفنانين النقابيين، لكنها وقعت في مشكلة أكبر وهي مشكلة الفنانين غير النقابيين وحقهم في ممارسة العمل الفني مادام بعضهم أثبتت كفاءة وقدرة توازي أو تزيد على كفاءة وقدرة النقابي.
إن النقابة غير معنية بمنع من هو قادر على العمل من ممارسة حقه، لكنها بالمقابل تستطيع أن تجبي منه جزءاً من أجره لصالحها مادام غير منضوي في عضويتها.
أما مقدار ما يجب أن تجبيه النقابة، فيجب أن يكون متناسباً مع الأجر الذي يتقاضاه فمن غير المعقول أن تجبي النقابة كما كانت تجري العادة مبلغ 2500 ل.س عن نجم يتقاضى عن دوره ما يقارب المليون وتجبي في نفس الوقت ذات المبلغ من ممثل كومبارس لا يتعدى أجره الخمسة آلاف ليرة.
هذا من جهة، من جهة أخرى ما معنى أن يُمنع غير المجاز من ممارسة نشاطه الفني؟
 
من هم المخرجون المجازون؟
ومن هم الممنوعون من العمل؟
نجدة أنزور اسم لامع في الدراما السورية غير مجاز، وبالتالي فهو ممنوع من العمل.
حاتم علي مبدع التغريبة الفلسطينية ممنوع من العمل.
أيمن زيدان، عارف الطويل، الليث حجو، رشا شربتجي، المثنى صبح، زهير قنوع، هيثم الزرزوري، علي شاهين، بسام الملا... وغيرهم وغيرهم.
لقد دخل إلى سلك الإخراج عدد غير قليل من الفنانين، بعضهم أثبت جدارة وسجل حضوراً قوياً كبعض الأسماء التي ذكرناها، والبعض الآخر تسرب من مجالات أخرى مثل: (الفنون الشعبية، كخطوة لتحسين وضعه الوظيفي أو تسلق المهنة بقدرة قادر، والبعض الآخر فُرض فرضاً من هذه الجهة، أو تلك التي توزع الألقاب مجاناً على هذا وذاك.
وفي مجالات فنية أخرى نسأل: كم مدير إضاءة ومصور ومدير إنتاج... مجاز لدينا؟
إن معظم هؤلاء إما (كهربجية) شاءت الصدفة أن يدخلوا الاستديو أو مصوري حفلات وأعراس زرعهم البعض خلف الكاميرات التلفزيونية للارتزاق، وهنا لا ننكر الإمكانات المبدعة والخلاقة لدى البعض ممن أثبت كفاءة قل نظيرها وقدرة على الإبداع فرضت نفسها بقوة.
لكن بالمجمل أن معظم بل جميع كوادرنا الفنية غير مجازة لأننا وببساطة لا تملك معاهد وأكاديميات تخصصية في هذه المجالات.
وقس على ذلك الإذاعة أيضاً، إذ لا نملك أي مخرج مجاز في هذا الاختصاص على الإطلاق ويتم توارث المهنة من الآباء إلى الأبناء أو بين العاملين في السلك الإذاعي وبالتالي نفس الخبرات التي كانت متوفرة في الستينات مازالت مستمرة حتى الآن لكن بوجوه جديدة وأشخاص جدد.
أما المسرح فهو ليس بحاجة لقوانين تمنع من ممارسته لأن هذه المهنة ميتة أساساً، بل هي في موت مزمن وإن أي عرض لأي شخص بغض النظر عن جودته يستحق التصفيق لأنه تمرد على هذا الموت ورفض له، لكن ومع ذلك نسأل مكتب التنسيق والتشغيل الدرامي هل نسقتم مع وزارة الثقافة قبل سن قوانينكم؟ وهل ستستمر مديرية المسارح والموسيقا في السماح لبعض الشباب في ممارسة الإخراج وهم غير مجازون؟
وما معنى أن يتم الاتفاق الآن مع بعض المخرجين غير المجازين في تقديم أعمال مسرحية فيما يعرف بمهرجان ربيع الأطفال؟
 
كلام بالهوا...!

صدرت هذه القرارات منذ وقت قريب ولم تظهر مفاعيلها بعد، لكن جميع الفنانين يتندرون بها فهي كما يقال وعلى ذمة (الخبثاء) ليست إلا كلاماً بالهواء.
يضيف هؤلاء الخبثاء، هل هناك تنسيق بين نقابة الفنانين ونقابة المهندسين؟ هل يستطيع مكتب التنسيق والتشغيل الدرامي منع همام حوت من العمل وهو يستعد الآن لعرض جديد؟
هل يستطيع هذا المكتب منع نجدة آنزور من العمل وهو الآن يصور المراحل الأخيرة من السهرة التلفزيونية المعنونة بـ «حنين مؤجل».
هل يريد هذا المكتب القضاء على الدراما بعد انتعاشها؟
كلام... كلام... يقال الكثير، والفصل هو في تطبيق القانون والالتزام به واحترامه وخلق تقاليد عمل جديدة قائمة على احترام الفنان واحترام المتلقي.
أمل جديد وضوء يلوح مع صباح عبيد وجيانا عيد، من يراهن على النجاح ومن يراهن على الفشل؟