أولاد بحجم القلب.. يكتبون الشعر

في اليوم العالمي للشعر فرضت على عائلتي الصغيرة كتابة الشعر..

وقد امتثلت العائلة طواعية للأمر على شكل تسلية، إذ ما لبث ابني الصغير «دليار» أن طلب مني ورقة صفراء فارغة، وبعد السؤال لماذا ورقة صفراء؟ أجاب معللا ذلك إن نوعية الورق تشي الكثير بالراحة والسكينة في الكتابة، وقد وافقته على فكرته ونحن نبحث في الكتب الشعرية المركونة في مكتبتي الشخصية، إذ وجدنا أن معظم ورق المجموعات الشعرية هي ذات لون أصفر، وقد فرحت لذلك كون «دليار» عرف الطريق الصحيح والصعب لكتابة أول قصيدة في حياته، وبعد ذلك طلب مني قلم رصاص فاستغربت بشدة كوني لم أستعمل في حياتي الكتابية قلم رصاص إلا في كتابة الرسائل وبعض الرسومات التي لم أوفق فيها، وقد علل لي سبب استعمال قلم الرصاص في كتابة الشعر هو أن شاعرا معروفا كان يكتب بالرصاص، وقد فهمت فيما بعد أنه يقصد الشاعر السوري سليم بركات، والدليل رسائله التي كان يبعثها إلي في التسعينات، و قد أمهلت «دليار» ساعة ونصف ساعة لكتابة أي شئ دون رقابة أو تدخل أو حذف أو قص أو حتى تصحيح الأخطاء التي عرفت مسبقاً أنها ستكون كثيرة وكبيرة قياسا لعمره.. وكتب دليار في ورقة صفراء هذه الجمل التي صححت جزءا منها إملائيا بعد أن وجدت أن النص لا يحتمل الأخطاء البدائية التي نقع فيها جميعا، خاصة نحن الكتاب الناطقين بغير العربية، ولكنهم يكتبون بها، وقد أسفت على جملة أشياء كان أولها أنني لم استطع حتى الآن تعليم ابني الصغير الحروف الأجنبية، وأحثه على الكتابة بالعربية مع وجود إمكانيات بسيطة متوفرة لديّ من كتب وأقراص كمبيوتر لتعليم اللغة الأجنبية:

الشمس تخرج كل يوم من مكان بعيد

الشمس غير دائرة كما هي مثل النهار البارحة

أمي تقول الشمس ليس لها شكل

وأنا أقول أن شكلها يشبه هذه الورقة الصفراء جدا

الشمس معرضة كما البشر إلى ضربة شمس. 

أما الطفلة «بازيار» التي سبق أن كتبت رسائل مدهشة لصديقاتها في عيد الأم وعيد النيروز، لم تطلب مني سوى دفتر صغير من هذه الدفاتر التي يكتبون فيها عادة أرقام الهواتف، وقد أسعدني كثيرا أن بازيار تعرف ما تريد، وتعرف أن كتابة الشعر لا تتطلب ورقة صفراء أو خضراء و لا قلم رصاص ولا ناشف، فجميع الشعراء الخالدين كتبوا نصوصا رائعة وهم لا يملكون ورقا أو قلما كما نملكها اليوم، بالإضافة إلى وجود هذا العملاق (الكمبيوتر) الذي بواسطته وبإصبع واحدة تكتب ملايين الأحرف خلال ثوان معدودات، و كتبت بازيار في دفترها الصغير:

«الشمس التي يحكي عنها أخي قاسية وأنا أكرهها

الشمس تعني النوم تحت ظلالها ليلا أو نهارا

حتى أوراق النبات تذبل وتتعطش حينما تشتد الشمس وتصير مثل غول.

الشمس مشرقة لأن الله يريد ذلك وليست هي».

* ملحوظة: الطفل «دليار» عمره 8 سنوات، والطفلة «بازيار» عمرها 11سنة..

 ■  إبراهيم حسو

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 14:39