من التراث «الفقر»

قيل: الفقر رأس كل بلاء، وداعية إلى مقت الناس.

وقال علي بن أبي طالب (رض): الفقر الموت الأكبر، وقد استعاذ الرسول (ص) من الكفر والفقر.

وقال لقمان لابنه: يا بني أكلت الحنظل وذقت الصبر فلم أر شيئاً أمرّ من الفقر. فإذا افتقرت فلا تحدّث به الناس كيلا ينتقصوك.

ويقول الشاعر:

وكل مقلٍّ حين يغدو لحاجةٍ

إلى كل ما يلقى من الناس مذنبُ

وكانت بنو عمي يقولون مرحباً       

فلما رؤوني معدماً مات مرحبُ

وقال آخر:

جروح الليالي في مالهن طبيب

وعيش الفتى بالفقر ليس يطيبُ

وحسبك أن المرء في حال فقره

تحمقه الأقوام وهو لبيبُ

ومن يغترر بالحادثات وصرفها

يبتْ وهو مغلوب الفؤاد سليبُ

وما ضرني أن قال أخطأت جاهل

إذا قال كل الناس أنت مصيبُ

 ● كان ابن وزير لبعض الخلفاء، فزوّر عنه يهودي كتاباً إلى بلاد الأعداء، وضمّنه أموراً من أسرار الدولة، ثم تحيّل اليهودي إلى أن وصل الكتاب إلى الخليفة فوقف عليه، فلما قرأ الخليفة الكتاب أمر بقطع يد ابن مقلة، وكان ذلك يوم عرفة، وقد لبس خلعة العيد ومضى إلى داره، فلما قطعت يده وأصبح يوم العيد لم يأت أحد إليه ولا توجع له، ثم اتضحت القضية في أثناء النهار للخليفة أنها من جهة اليهودي فقتله، ثم أرسل إلى ابن مقلة أموالاً كثيرة وندم على فعله واعتذر إليه، فكتب ابن مقلة على باب داره يقول:

تحالف الناس والزمان

فحيث كان الزمان كانوا

عاداني الدهر نصف يومٍ

فانكشف الناس لي وبانوا

يا أيها المعرضون عني

عودوا فقد عاد لي الزمانُ

ثم أقام بقية عمره يكتب بيده اليسرى.

وقال بعضهم:

إنما قوة الظهور النقود

وبها يكمل الفتى ويسود

كم كريمٍ أزرى به الدهر يوماً

ولئيمٍ تسعى إليه الوفود

 ● وترك هشام بن عبد الملك بعد موته اثني عشر ألف قميص وعشرة آلاف تكة حرير، وحملت كسوته لما حج على سبعمائة جمل!!

ولما قتل الأفضل بن أمير الجيوش، خلف بعده مائة ألف ألف دينار وأكثر منها من الدراهم، وخمساً وسبعين ألف ثوب ديباج ودواة من الذهب قوّم ما عليها من الجواهر بمائتي ألف دينار، وعشرة بيوت في كل بيت منها مسمار ذهب، وخلف عشرة صناديق مملوءة من الجوهر الفائق الذي لا يوجد مثله، وخلف من الزبادي الصيني والبلور المحكم حمولة مائة جمل، وعشرة آلاف ملعقة فضة وثلاثة آلاف ملعقة ذهب وعشرة آلاف زبدية فضة، وأربع قدور ذهباً كل قدر وزنها مائة رطل، وسبعمائة جام (كأس) ذهباً بفصوص زمرد، وخلف من الخدم والرقيق والخيل والجمال ما لا يحصي عدده إلا الله، وخلف ألف حسكة ذهب وألف حسكة فضة وألف صورة ذهباً وألف صورة فضة، وثلاثمائة ثور ذهباً وأربعة آلاف ثور فضة وخلف من الأبقار والأغنام ما يباع لبنه في كل سنة بثلاثين ألف دينار.

■ هشام الباكير

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 00:06