«تاكسي.. حواديت المشاوير» لـ خالد الخميسي.. سائقو العمومي.. مرآة المجتمع المصري
قليلة هي الكتب العربية التي نجحت في لفت أنظار النخبة المثقفة بالدرجة ذاتها التي استطاعت فيها استقطاب الشرائح الشعبية والفئات الأقل ثقافة؛ وربما لا يستطيع الباحث أو الصحفي أن يعد إلا قلة نادرة من هذه الكتب على اختلاف جنسها..
وقد استطاع أن يضيف نفسه إلى هذا القليل النادر، كتاب مميز للكاتب والإعلامي المصري «خالد الخميسي» حمل عنوان «تاكسي.. حواديت المشاوير»، فقد أصدرت منه دار الشروق حتى الآن ست طبعات متتالية خلال أقل من عامين، نظراً للإقبال الشديد على قراءته من مختلف الشرائح والمستويات، داخل جمهورية مصر العربية وخارجها..
الكتاب يرصد أحوال المجتمع المصري بطريقة غير مسبوقة، إذ لجأ كاتبه إلى توثيق الكثير من همسات وطرف و»حواديت» سائقي التاكسي في مصر، وهم من أكثر فئات المجتمع تهميشاً، مبرزاً إحدى أبرز خصائص هذا المجتمع المعروف بسرعة بديهة أبنائه وميلهم إلى التندر على كل ما يجري حولهم من تطورات على الأصعدة كافة، مبدعين في هذا الإطار أكثر النكات العربية سخرية من الواقع الرديء وأجرأها في التهكم عليه...
يقول الخميسي في مقدمة الكتاب: «أنا من هواة الحديث إلى سائقي التاكسي، فهم بحق، ترمومترات الشارع المصري (الصايع)»..
ويضيف: «الكتاب يضم بعض القصص وليس كلها، والسبب أن أصدقاء من المحامين قالوا لي إن نشرها كفيل بزجّي في السجن بتهمة القذف والسب... وهو أمر أحزنني لأن القصص الشعبية والنكت المصرية سوف تضيع دون تسجيل»..
والحقيقة أن الكاتب لم يترك حدثاً محلياً أو عربياً أو دولياً إلا ورصد رأي الشارع المصري فيه، وردة فعلهم العفوية تجاهه، عبر ثرثرات سائقي العمومي المصريين، بدءاً من السياسات الأمريكية تجاه مصر والمنطقة، وقرارات وخطط الحكومات المصرية المتعاقبة وانعكاساتها على أوضاع الناس الاجتماعية والاقتصادية، مروراً برؤيتهم ورؤاهم لمختلف مناحي الحياة: الحب، الألم، الفرح، الفنون، الدين، الأحزاب السياسية، الفقر..إلخ، وانتهاء بأحلامهم وطموحاتهم المختلفة. ولم يتبع في ذلك طريقة السؤال والجواب، بقدر ما ترك الأمر لتداعيات السائق ليوجه الحديث بالاتجاه الذي يريد..
يقول د. جلال أمين عن الكتاب: «كتاب بديع، يرسم صورة بالغة الصدق لحالة المجتمع المصري اليوم، كما تراها عيون شريحة اجتماعية مهمة وذكية هي سائقو التاكسيات في مصر، فإذا هو بالنتيجة عمل أدبي بالغ الجمال، ورصد دقيق لأحوال المجتمع وللرأي العام المصري في وقت واحد».
«تاكسي.. حواديت المشاوير» كتاب مكون من 222 صفحة من القطع المتوسط، وهو بالإضافة لأهميته وخصوصيته البالغة، ممتع وشيّق وشديد التنوع، ولا يعيبه أن الشهادات الحية التي يذخر بها مكتوبة بالعامية المصرية، بل لعل ذلك أعطاها المزيد من الجرأة والمصداقية.. وهو بكل تأكيد يستحق القراءة..