الجور الصحفي لا يُبقي ولا يذرُ.. من أجل ألا تكون الكلمة امتداداً للفضيحة
هذه المادة ردّ من الشاعر و الصحفي محمد أحمد العجيل على مقالة منشورة في صحيفة تشرين للكاتب خليل اقطيني... ونرى من المفيد نشر فقرات من مقال السيد خليل اقطيني موضوع الرد لكي يصبح القارئ الكريم في صورة الوضع:( أثارت الندوة الفكرية، التي نظمت في اليوم الأخير من مهرجان الشباب الثاني للفنون المسرحية بالحسكة، ردود فعل متباينة. لكن كان هناك شبه اتفاق على أنه كان من الممكن اختيار موضوع آخر غير الموضوع الذي تطرقت إليه، وهو دور المسرح في تعزيز الوحدة الوطنية، على الرغم أنه موضوع مهم وحيوي.. فعلى سبيل المثال تساءل مدير المركز الثقافي العربي في الحسكة عبد الرحمن السيد عن سبب اختيار هذا الموضوع تحديداً (لأن الوحدة الوطنية في سورية موجودة ومجسدة ولا تحتاج إلى تعزيز)، وتساءل أيضاً (هل تريدون من هذه الندوة تعزيز المعزز؟).. في حين نأى بعض الحضور في طروحاتهم بعيداً عن موضوع الندوة، لأنه وجد فيه الفرصة الثمينة لطرح أفكاره التي ما أنزل الله بها من سلطان، فمن مطالب بطباعة بروشورات العروض المسرحية بأكثر من لغة، وليس اللغة العربية فحسب، ناسياً أو متناسياً أن اللغة الرسمية للدولة هي العربية، إلى واصف لمدينة الحسكة بأنها (مدينة مسكونة بالخوف) دون أن يوضح أي خوف هذا الذي يتحدث عنه، والحسكة تعيش في حالة نادرة من الأمان والطمأنينة، ربما كان يتحدث عن مدينة أخرى غير موجودة إلا في خياله، أو ربما يتحدث انطلاقاً من ذاته.. لا ندري!! والأغرب أن هذا الشخص نفسه طالب (بتحرير المؤسسات الموجودة من الملكية الشخصية) فهل يقصد المؤسسة التي يعمل فيها وهي مصلحة الزراعة؟..
واختار فريق آخر أن يستغل الندوة من أجل تصفية حسابات شخصية مع هذه الجهة أو تلك، حتى مديرية المسارح والموسيقى لم يتم توفيرها، متهماً إياها برفض أحد النصوص لأسباب (غير فنية) علماً أن الرفض كان لأسباب تقنية صرف كما أخبرنا د. عجاج سليم ـ مدير المسارح والموسيقى ـ ورغم أن أحد المتكلمين قال: إن قبول الرأي الآخر من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية، عاد وناقض نفسه عندما أراد مصادرة رأي أحد الزملاء الإعلاميين بإحدى فقرات حفل الافتتاح، وهو يعلم جيداً أن ذلك الزميل لم يوجه نقده لدبكة شعبية محددة، وإنما انتقد غياب الرؤية الفنية عن العرض الفلكلوري.. ووصل البل إلى ذقون المشاركين في الندوة عندما اتهموا أنهم جاؤوا إلى المهرجان منظّرين لا مسرحيين.. فأين هذه الطروحات من موضوع الندوة، بل أين هي من الموضوعية والأريحية ومن قبول الرأي الآخر حتى لو اختلفنا معه؟!
• قاسيون – الحسكة
أؤكد على صحة ما جاء في هذا المقال إننا نعيش في وطن يعاني من جملة تحديات على مختلف الصعد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تشكل والحال هذه أرضية وبيئة مناسبة لشتى أشكال الخوف والقلق لأنها تمس حياتنا الفردية والجماعية (نعم أنا مدينة مسكونة بالخوف) الخوف من الفقر، والخوف من استشراء الفساد والنهب الذي يأخذ طابعا مؤسسيا والخوف من البطالة الصريحة والمقنعة، وعدم القدرة على استيعاب الحشود الكبيرة المتدفقة من قوى العمل إلى السوق، الخوف من عدم تمكني من أن أحيا حياة لائقة وكريمة لي ولأولادي (خمسة أطفال وسادسهم رهف) ولحشود كبيرة من الشباب العاطل عن كل شيء إلا الملل والشوارع وارتياد المقاهي وما ينجم عن ذلك من مشكلات اجتماعية وخلل في التوازنات. وإزاء كل هذه من الطبيعي أن نشعر بالخوف والقلق الدائم على الحاضر والمستقبل عندما نتعاطى مع هذا الواقع من خلال الإسهامات المتواضعة أن نسلط المزيد من الضوء على هذا الواقع ونريد للجميع أن يتحمل مسؤوليته فكلنا مسؤولون عما يجري ولأي واحد فينا نصيبه الذي يفترض فيه أن يتحمله ويقدم ما يستطيع من الجهد بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولعل البدوة الأساسية في ذلك هي احترام الجهود والآراء التي تسعى لمقاربة مختلفة لهذا الواقع بأبعاده المختلفة وعدم النظر إليها بهذه النظرة الريبية والمتشككة التي تسعى للنيل منها بمعاني الانحراف والمروق، وربما انتهى إلى رميها في سلال العدمية وليس أدل على ذلك من السطور الواردة في هذه المقالة والتي لا تشكل في نظري أيّة قيمة للرد عليها، ولكنني إذ أوضح بعض الأمور فإنني أتوجه بأفكاري إلى شريحة عريضة من القراء، وأزعم إنني معنيّ كفرد مواطن أولاً، وكمثقف ثانياً، أنني أضطلع بدوري وأتحمل مسؤوليات في إبراز جملة العيوب النواقص التي تشل وتصادر إمكانيات الواقع وتسمه بالعدمية والإخفاق المتواصل وليست معنية أبدا بالرد على هذه المساجلات العدمية التي تفتقر إلى أدنى المعاير الأخلاقية التي تسعى من خلال قراءات تشكيكية ومبتذلة تعكس سوء القصد والنية ... تسعى إلى تحميل العبارات (مدينة مسكونة بالخوف) بمضامين التشكيك والنوايا المبيتة فأنا أعترف أمام الله والوطن سأكافح ما بوسعي الجهد والمقدرة كل ما تقع عليه عيني وقلمي من فساد في كل المؤسسات وعلى جميع الأصعدة ولن أستثني من ذلك شيئاً وأرى في ذلك مصدر فخر واعتزاز من جهة ومسؤولية وطنية وأخلاقية وأدبية من جهة ثانية، وكفانا اصطيادا بالماء العكر وأنا إذ أرد على ماورد في مقالة الصحفي الأوحد منذ سنوات طويلة في جريدة تشرين بالحسكة (وكأن هذه المدينة عاقر) وأعرف أن الوسط الذي أعيش فيه هو وسط ملوث نسبيا أسوة بمختلف الأوساط الأخرى وغاية ما أريده أن نرتقي بمستوى طروحاتنا عن التجريح والذم الشخصي، سواء المعلن منه أو المضمر، وأرجو ألا تتحول صفحات المنابر الإعلامية إلى مساجلات وضيعة تستهدف النيل من الأشخاص، وإلا فكل من يمتلك القدرة على الانحطاط والهبوط إلى مستوى الإسفاف، والقدح وربما، أكثر مضاء وفتكاً من المتوقع، وهذا ما ليس فينا ولا نعتبره مفيدا أو مجديا أو منتجا، لاسيما وأننا ندعي انتماء ما إلى عالم الكتابة والثقافة.
ملاحظة 1: لأننا نفترض هذا المنبر الإعلامي منبراً عاماً يقف من الجميع على مسافة واحدة، فإننا نطالب المحرر الكريم بنشر هذه السطور بنفس موقع الصفحة التي نشرت فيها المقالة المذكورة و( أفكار ورؤى هامة ) للكاتب خليل اقطيني، الكل يغرد ويغني ويصرخ خارج السرب في الندوة الفكرية من يوم الجمعة ذات مهرجان مسرحي في الحسكة هو كان داخل السرب ..... ربما ..... كان يضحك ويشتم بعض المداخلات ومنهم أنا، هذا هو ردي على ما نشر في صحيفة تشرين الصفحة الثقافية العدد 9869تاريخ 1152007 الصفحة الثامنة باعتباره حقا لجميع الآراء كي تعبر عن نفسها بنفس القدرة دون أن يكون هذا المنبر حكراً.
ملاحظة 2 : هذا الرد كنت قد أرسلته إلى محرر تشرين بدمشق عبر «القدموس» وقد كلمته عبر الهاتف أطالب بحقي في الرد حسب الأصول والقوانين الناظمة، لكن منذ ذلك التاريخ الذي نشر فيه التهكم والسخرية من المداخلات لم ينشر في تشرين لأسباب مجهولة وربما لأنه متنفذ، و ربما لأن المعني بالرد فوق القانون ... وهذا ما دعاني إلى اللجوء إلى العزيزة] «قاسيون»