الغايات الحقيقية لمقاطعة الدراما السورية..
ليس مستغرباً أبداً أن تقاطع الكثير من المحطات الفضائية العربية المسلسلات السورية، وأن تغيب الدراما المحلية في الموسم الرمضاني عن معظم فترات العرض، فأغلب هذه المحطات المقاطعة التي تفوح منها رائحة النفط، خاضعة بقرارها وسياستها وغاياتها الإعلامية لما يسمى بـ(دول الاعتدال)، وهذه الدول التي تضغط بشدة على القرار الوطني السوري، الممانع للهيمنة الإمبريالية والمقاوم للمشاريع الصهيونية، ما انفكت تبذل كل ما بوسعها ليس للتضييق على سورية سياسياً فحسب، بل لمنع وصول جميع المضامين الاجتماعية والفكرية والثقافية التي تحملها الدراما السورية المتطورة شكلاً ومضموناً إلى الجماهير العربية.
إن الموقع الهام الذي أوجدته الدراما السورية لنفسها بين الدرامات العربية، لن يملأه أي إنتاج فني آخر، وسيكتشف القيمون على المحطات المقاطعة سريعاً أنهم خسروا الكثير حين انتهجوا هذا السبيل، وأول من سيشكل ضاغطاً كبيراً عليهم هو جمهورهم الذي حرموه من أكثر ما يحبه ويحترمه على الشاشة.
إن ما تتناوله المسلسلات الدرامية السورية من مشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية، يلامس بشكل مباشر الواقع الذي تعيشه سائر المجتمعات العربية على اختلاف طبيعة حكامها، الأمر الذي يجد فيه المعادون لانتشار الوعي بين صفوف الشعب العربي خطراً مباشراً يهدد مصالحهم، وما مقاطعة الدراما السورية إلا جزء من سياسة ممنهجة تتبعها بعض الحكومات العربية على طريق استغفال مواطنيها، وإبعادهم عن المطالبة بما لهم من حقوق، وترسيخ التخلف الاجتماعي بين صفوفهم، بما يتناسب مع أهدافها في ترسيخ التخلف الاجتماعي من جهة، وبلورة مفاهيم منافية للتطور الإنساني من جهة أخرى، وكل ذلك من أجل إبقاء وتكريس الاستبداد والرجعية، والدفع بعيداً عن الحلول المناسبة للمشكلات العامة التي يعاني منها المواطن العربي.