الصراع في المواقع الضيقة..
منذ انطلاقتها الواسعة، تسعى الفضائيات العربية تكريسها لظاهرة ما، كظاهرة عرض مكثف للأعمال الدرامية في شهر رمضان، التي كانت سابقا تتوزع على مجمل أشهر العام، وكون الغلبة للفيديو كليب ومحطات الأغاني والترويج الإعلاني في العصر الفضائي العربي المنفتح على ثقافة الصورة والسرعة، فإن الأعمال التلفزيونية الدرامية المنتجة والمعروضة في أحد أشهر العام، أصبحت فرصتها في المشاهدة قليلة، بل نزيد عليها أنها ربما تكون خاسرة، بسبب ثقافة الفيديو كليب وبرامج المسابقات الفنية وسواهما من برامج تلفزيون الواقع،
لذا فرض على الدراما البحث عن ملاذ لها في شهر من أشهر السنة، تضمن فيه متابعة الجمهور العربي العريض لها. وهكذا أصبحت سمة التسابق المحموم من شركات الإنتاج التلفزيونية العمل على تحضير الأعمال التلفزيونية وإنجازها وتوقيت عرضها بحلول شهر رمضان، لتحقيق فرصة المتابعة والمشاهدة، باعتبار أن شهر رمضان في العالم العربي يشكل شهراً اجتماعياً طقسياً بامتياز، بما قد يحققه من فرصة جيدة للمشاهدة والمتابعة، إلا أن فرصة المشاهدة التي يتسابق عليها منتجو ومخرجو الأعمال التلفزيونية، باتت في غمرة الوفرة غير المسبوقة لعدد الأعمال التلفزيونية، تفوق طاقة المشاهد العربي على المتابعة، وبالتالي أصبح الكرنفال والمارتون التلفزيوني، هو الآخر عرضة لخسارة جمهوره، بسبب الكم الكبير للأعمال التلفزيونية التي أصبحت وجبة دسمة ثقيلة على معدة المشاهد العربي المحتار بين الدراما السورية، والمصرية والخليجية، وبين المزيج العربي الجديد، الذي بتنا نشهد فيه مشاركة واسعة لعدد من الممثلين السوريين، بدأها النجم السوري جمال سليمان في مسلسل «حدائق الشيطان» العام الفائت، ليتدفق بعده عدد كبير من زملائه الممثلين، من بينهم تيم حسن وسلاف فواخرجي وجومانا مراد وغيرهم، وبعض المخرجين اللامعين في الدراما السورية.
وهاهو النجم جمال سليمان مرة أخرى في عمل درامي مصري «أولاد الليل» بتوقيع مخرجته السورية الشابة رشا شربتجي، أضف إليه مسلسل الملك فاروق إخراج حاتم علي، هذا الإقبال المتنوع لممثلي ومخرجي الدراما السورية للعمل في الدراما المصرية، يدفعنا للبحث والسؤال عن دوافعه، بعد تسجيل ملاحظتنا أن الدراما السورية شهدت في الأعوام الأخيرة ظهورا وتميزا لافتا على شاشة الفضائيات، سواء من ناحية الشكل الفني أو المضمون، والسؤال الذي يستوقفنا في هذه الظاهرة، هل يعود مرده لأسباب مادية ربحية صرفة، أم أن أنها سياسة جديدة اتخذتها الدراما المصرية لجذب الممثلين السوريين للعمل لديها بهدف سحب البساط من تحت الدراما السورية في أتون المنافسة الدرامية القوية بينهما؟ أم أن السبب يعود لإثبات مقولة: «أمة عربية واحدة» والحنين للوحدة المصرية السورية التي مازالت تدغدغ مشاعر السوريين والمصريين معا، أم أنها موضة ستنتهي مع أفول السباق المارتوني للدراما التلفزيونية في شهر رمضان المنهمكة باقتناء فرص وموقع لها بين فضائيات الكليب وتلفزيون الواقع ومسابقات الشعراء والغناء التي يفوق إنتاج حلقة واحدة منها، أو أغنية كليب، إنتاج عمل درامي تلفزيوني بأكمله؟؟