صفر بالسلوك سوري
عندما أشاهد أو استمع إلى أغنية «أنا سوري آه يا نيالي» أفكر أن عبد الرحمن آله رشي الكردي من أم شركسية، وهو مؤدي الأغنية صوتاً وصورة، وبسام الملا الكردي الدمشقي مخرج «الكليب»، وحسام تحسين بيك الشركسي على تركي وهو مؤلف وملحن الأغنية، لا شك بأنهم سوريون، ومن منا يشك لحظة في سوريتهم؟
وأقول في نفسي أليس من أرمني قد عمل بالتأكيد في هذه الأغنية كخبير «شاريو» أو «كرين» وغيرهما من معدات التصوير؟ أليس هناك من تركماني عمل كمساعد للمخرج، أو سرياني عمل كمدير للإنتاج فيها أو شيشاني أو كلداني؟!
ربما هنا تكمن ميزة سورية العربية عن غيرها من البلدان العربية، فلا شك بأن الثقافة العربية هي سمة هذا الوطن الأساسية، ولكن هذه الثقافة العظيمة لكي تتطور وتفاجئ العالم بخصوصيتها، عليها أن تفسح المجال للثقافات العديدة الأخرى الموجودة على أرض الوطن لكي تقوم بدورها في نشر المعرفة والبهجة، وإذا ما كنا مقبلين على دمشق عاصمة للثقافة العربية، فيجب علينا أن نقدم كل ألوان ثقافتنا المتعددة، كي تساهم الصيغة السورية المتنوعة في إغناء الثقافة العربية ودعمها ومساندتها، فالثقافة في أي وطن هي الهوية، وهوية هذا الوطن هي عربية حقاً، ومن منا يرفض جمال اللغة العربية وتاريخها وما أفرزته عبر التاريخ؟ ولكن من منا يرفض الحداثة والتطور الذي ستقدمه الثقافات الأخرى الموجودة على أرض هذا الوطن والتي تشكل مع العربية ثقافة سورية فريدة من نوعها؟؟ لماذا لا نسمع أغنية كردية في الشارع، أو نغماً أرمنياً، أو ترتيلاً سريانياً، أو رقصة شركسية أو كلدانية؟ لماذا لا تأخذ كنوزنا الثقافية دورها لتخدم الوطن؟ لماذا لا تكون دمشق حاضنة لثقافات أبنائها؟ ولماذا لا تكون هناك فقرات متنوعة في منابرنا الإعلامية تتضمن كل هذه الثقافات أسوة بنشرات الأخبار التي باتت في تلفزيوننا بكل اللغات؟؟
من المهم أن نتوجه للعالم بلغاته المتعددة سياسياً، ومن المهم أيضاً أن نتوجه بالبهجة والمعرفة إلى شعبنا بلغاته المتعددة والجميلة. وكل عام ودمشق عاصمة ثقافية، لأنها تستطيع أن تكون كذلك.