ربّما! «خمسون» الفاضل الجعايبي
الأسئلة التي يطرحها عرض «خمسون» للفاضل الجعايبي فوق قدرات المسرح السوري، مسرح الإعداد والمعدين عن نصوص أجنبية، على منصات معزولة تماماً عن واقعنا.
النص الذي كتبته جليلة بكار يتناول حصيلة خمسين عاماً تونسياً من الاستقلال والحكم الوطني، من خلال حكاية مريم التي ولدت في يوم استقلال البلاد(أي حكايتها الشخصية بعمر البلد نفسه)، لأب معارض لنظام بورقيبة، كما تزوجت من يوسف الشيوعي الذي قضى(12) سنة في المعتقل السياسي. ابنتها الوحيدة أمل، ذهبت للدراسة في فرنسا، وهناك تختار أن تترهبن إسلامياً، فترتدي الحجاب، لذا يرفض والدها رؤيتها، عند عودتها، بعد أن وجدها على شكل آخر غير الذي رباها عليه، فتغادر المنزل، وتسكن مع مجموعة من الفتيات في مسجد.
إحدى صديقاتها وهي مدرسة فيزياء تقوم بتنفيذ عمل تفجيري في مدرسة، مما يقود البلاد إلى حالة استنفار عام، تقوده أجهزة الأمن التي تخلق حالة هلع شعبية، وتنتزع الاعترافات بعنف(إرهابي).
«خمسون» نص حارق، وتمثيل مدهش، وإخراج يمسرح أسئلة التراجع في نصف قرن من الاستبداد، ونكء للجراح في أعماق مجتمع مأزوم، وصرخة مدوية في وجه كل أشكال التطرف والممنوعات السياسية والاجتماعية والدينية التي يربطها بذكاء مع احتلال أراض عربية. وهو أشبه بمرثية لاندحار الأحلام الوطنية في النهوض والديمقراطية والتنمية، فبسبب هذا كله كان غزو التطرّف الديني.
«خمسون» مراجعة لنصف قرن عربيّ من الانهيارات والطغيان والنكوص، محمولة بأدوات فنية عالية المستوى.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.