وسيم الدهان وسيم الدهان

المخلّص الهوليودي المعاصر

لم يعد المخلّص الهوليودي البهيّ الطلعة، المفتول العضلات، يكتفي بإنقاذ قرية نائية في أقصى الغرب الأمريكي، ولم يعد يرضي غروره التجوّل في شوارع نيو يورك أو شيكاغو بسيارته الفارهة وعدّته الحربيّة المتميّزة، ليخلص المجتمع من أشراره (المحليّين)، وبالتأكيد، ما عاد يشكّل شيئاً بالنسبة له أن يظفر بفتاة شقراء أو سمراء بعد إنقاذها من براثن رجال العصابات في كازينوهات لاس فيغاس ولوس أنجلوس.

بات تحدي المخلّص المعاصر الأكبر هو تخليص البشرية جمعاء، من أشرار مختلفي الألوان والأعراق، ينتمون غالباً لأوافل العظيم من الدول، أو لشعوب من الدرجة الثانية والثالثة شرقاً كان موطنهم أم في الغرب، لا فرق، إذ يكفي أنهم، في صورتهم النمطية، لا يستوعبون أهميّة الحضارة الأمريكيّة، ولا يتقبّلون مفهومها الخاص للحريّة والشرف والخير.
هؤلاء الأشرار الجدد، في سعي دائم لنشر الدمار والخراب في بلاد الأبطال، بلاد العم سام، فتارةً يتسللون إليها حاملين فيروساتهم النادرة، أو قنابل نووية سقطت فوقهم ولم تنفجر، أو مخدرات مغشوشة يعيدونها إلى منتجيها، وغايتهم في ذلك تقويض المجتمع الأمريكي المسالم، وتارةً أخرى يتسربل هؤلاء الأشرار البائسون مدرّعين بأحلامهم التي لا تتناسب وواقع العيش الآمن لأبناء الولايات المتمدنة، ويحاولون فرض مفاهيم مدمّرة لا تليق بتطلعات البطل الصنديد، وهنا يبرز دور الخارق، جذاب الملامح، بابتسامته الساحرة وعزمه الخرافي، فيقوم بإفشال خططهم بعد عناء شديد، لكن دائماً قبل حلول الكارثة بأجزاء صغيرة من الثانية.
ومع اشتداد قوّة هذا المارد الفتّان، تشتدّ رغبته للسيطرة على منابع الشرّ في العالم، فيأبى إلا أن يجتثّ جذور الأحلام الجارفة، فيحملُ ما أمكنه حمله من ذخيرة، ليملأ كلّ الاتجاهات في آن معاً، ويعيد رسم التكوين حسب مقاييسه، وليعلن أنه بطل الأبطال لا في أرضه فحسب، بل فوق مدارات العرض وبين خطوط الطول.. وأنّى حلّ.
قد لا يكون ذلك كلّ ما في اللوحة الهوليودية، لكنّه الجزء الطاغي والأكثر رواجاً وقبولاً في مجتمع عزله أبطاله عن الآخرين، ويعتقد الكثيرون واهمين بأنه المجتمع الأرقى على مرّ العصور!..