ربّما! على هذه الأرض
(على هذه الأرض) السورية نتداول أسماء الذين يجب أن نتداولهم، فعلى الغالب لا يصل إلينا إلاّ الذين يجب أن يصلوا، وهذا، بعكس جملة محمود درويش، مالا يستحق الحياة!
يملك هؤلاء الكود السري لاختراق البوابات جميعها، فتقريباً، لا نفتح مطبوعة، ولا نسمع عن مشروعٍ، إلا ونجد لهم (قرصاً)، فالمطرح محجوز لهم سلفاً.
مطبوعاتٌ، في مختلف الأصناف، معدّة لتباع بالكيلو في سوق الورق.. فيالق كاملةً من الفرسان لخسارة أكيدةٍ.. أفلامٌ تراقُ دونها الملايين من أجل تصدير مقولات آفلة.. مسارح معطّلة.. ومحاضراتٌ، بمن حضر، هي والفُواق سواء..
ثمة احترافٌ عالي المستوى في فنّ صناعة الأشباه، فبالقليل من الامتيازات الحزبية، والعلاقات العامة، والمكائد أيضاً، سيصبح أحدٌ ما، أيّ أحدٍ كان، في مقام الجاحظ وأبي حيّان التوحيدي، و يا من تراه ينافسهم، لا إلى المكانة وحسب، بل في تعداد المؤلفات الملفقة التي يضعها انطلاقاً من الرغبة المحمومة في تحبير أكبر عدد ممكن من الصفحات، لتكون كمية المكافأة بالقدر الذي يجزل ذلك الهراء.
وفوق هذا ستسري عقلية العصابة في إدارة الشأن الثقافي، فبعد تصفية أصوات الهامش، وإزاحة المنافسين من الوجه، سيعملون بمنطق المحاصصة الذي يرضي جميع أعضاء الفريق الثقافي، فابن الجيران الصحفيّ يصبح رئيس تحرير، والأستاذ الجامعي يعيّن مستشاراً، والكاتب يطبع له الهذر الخاوي ليضبّ لسانه في الحلق ويخرس..
كذلك أيضاً سيحاربون ما جدّ واستجدّ لدى الأجيال اللاحقة، في عودة أبدية إلى أنّ الجديد هرطقة، و يصل الإنكار إلى درجة العمى، هؤلاء لا قبلهم ولا بعدهم.
المأساوي، في كلّ ما نتحدّث عنه، أننا مقبلون على احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، وإذا ما كانت ستدار بهذه الآلية فعن أية ثقافة نتحدث؟