دراسة عن انغمار برغمان السينمائي الذي واجه أسئلة الإنسان بروح فيلسوف
تكمن أهمية دراسة الناقد د.ينيس ماريون عن انغمار برغمان بأنّها تلقي أضواءً كاشفةً على خبايا دراماه الذهنية المعقدة، بحيث تحدد ملامح أسلوبه وفلسفته في فتح مغاليق مجهول النفس الإنسانية في الأزمنة الحديثة، بالإضافة إلى كونه يقدم صانع الأفلام السويدي مبدعاً متدفقاً، شديد الحيوية، معطاءً، ناهيك عن إبداعاته الأخرى في المسرح والكتابة.
يتحدّث ماريون عن برغمان بأنه كتب قصصاً ومسرحيات وهو لا يزال على مقاعد الدراسة الجامعية. و حين تعاقدت معه إحدى شركات الإنتاج السينمائي ككاتب سيناريو تمكن من إقناع المشرفين على الإنتاج بأن يعهدوا له بمهمة الإخراج، وطبعاً جاءت أفلامه الأولى تجارية تبسيطية، إلى أن أتته الفرصة الأولى مع فيلم (السجن) فقدّم فيه كلّ المواضيع الأثيرة لديه، والتي سيظلّ يطرحها في أفلامه اللاحقة.
واجه برغمان، في أفلامه، أسئلة الإنسان المقلقة بشجاعة منقطعة النظير، دون أن يضطر إلى تقديم أية تنازلات، فلم يكفّ عن الزجّ بشخوصه في أقسى الأزمات وأوعرها، ولا عن دفعهم إلى الحافة ليفحص الداخل الإنساني الموّار بالشر والأنانية والرغبات الشاذة، كذلك عمل على تأمل المجتمع في نفاقه، و هراء عاداته، وتقطّع الروابط الجميلة التي يتشدّق بها.
يغوص كتاب (انغمار برغمان) ـ صدر عن سلسلة (الفن السابع) بترجمة هنرييت عبودي ـ في أفلام (الصمت) و(بيرسونا) و(ساعة الذئب) و(الفريز البري) و(مشاهد من الحياة الزوجية)... حيث يتناولها، وسواها، عبر ثلاثة محاور رئيسة هي: المهنة ـ الأسلوب ـ الموضوعات. وبعدها يحلل أفلاماً تنتمي إلى أكثر من مرحلة من مراحل غنائها الكبير الذي استطاع أن يقدّم فلسفة مرئية للدين والعلاقات الإنسانية والموت..