فواز العاسمي فواز العاسمي

لذة المشهد: هذه الطاقة غير المدجنة

إذا كان رولان بارت قد خلق مصطلح لذة النص للتعبير برأيي عن تماه مقترح مفاده أن النص مادة للمتعة الذهنية الخالصة، أي  أن النص، تشبيهاً، امرأة جميلة تسد شبقاً جنسياً منفلتاً من عقاله.

نعلم أن للنص أعضاءه الفاعلة في عملية مماثلة إذ أن المنحى الجنسي يظل بعيداً عن خاطر المحب العنين «القارئ إن شئت» ولا يباغته كما هو الحال في إغواءات المشهد البصري تحويلاً لكلام بارت أو تحريفاً كما نتقصّد، أي بمعنى ما، أبحثُ عن عدد المـَشاهد في رواية تملك الاستطاعة لتحريك غرائز القارىء أو المتبصر مقارنة بمشهد بصري قد يكون ضحلاً بحمولته الدلالية.. إذا كانت رعشة النشوة لم تدم ولن تدوم وقد وزّنت بميزان النعيم، فما استمرارية وقع اللذة على متلذذ في صالة العرض عند مشاهدة الشيخ حسني في «الكيت كات» لداود عبد السيد، وهو الضرير المنتشي بحب الحياة، وتاليا الظلمة الموقدة للبصيرة، أمّا وقد سلخ نفسه عن واقعه وامتطى دراجة ليقع!! انظروا لكَمِّ النسوة الصارخات المولولات، ربما ألما أو نشوة، وهو يلتقط ثوبه بين أسنانه شادا إياه إلى أعلى كاشفا دخيلته الناقمة. أما ما يكشف خبثنا فهو «بريء» عاطف الطيب المساق قسرا، ربما بتنازل المعتقِدين أن الواجب يدعونا فلنلبيه، وقد انبرى «البريء» لصرع المتخيل ـ يتعبني التشكيل، تُنصب الخاء أو تُكسر لينضج المعنى ـ وساقنا مثله إلى حتفنا الإنساني. وكم تلذذ نقاد الفن السابع عندما وقعت عينا «البريء» على  قريبه في حفلة التعذيب تلك، وكم من فياغرا فنية نحتاج لنعي القيمة المشهدية تلك؟؟ البريء يلقي بشهيده: نايه.. من على محرسه حتى تتحطم أنفسنا في غفلة بعد صرخة من رئيس الحرس لست مثلكم رجلا لألتقط ناي البريء، و هاأنا أراه يلقن السابلة دروسا لن ينسوها‍‍‍‍‍‍، لنفكر بصلة القربى اللغوية بين المشهد والشهيد.

ذلك الغباء البادي في عيني «محروس بتاع الوزير» وهو يروي بطولته لأناس نراهم ونعاملهم ولا ننفر منهم ـ حارب الله الوعي كم يجبر على البوح بالسرائر!! هو غباؤنا جميعا، محروس اجترح مزحة فصارت قولا ذهبت به الريح إلى أبد الآبدين، لابد وشاهدتم تمايل محروس ممثل الغباء مقتنصا حالة مرت بجماهير الناس لداعية أتحفنا وفرّخ لنا الآلاف من طينته لنرث منه بعد موته قصوراً وبنوكاً ودساكر وضياعاً «قاتل الله التشكيل، بكسر الضاد أو بفتحها يستقيم المعنى» لم أرتو من ذلك المشهد، عفواً خانني التعبير بل لم ارتو من تلك المرأة «كما اتفقنا بادئا» أضحك كل يوم من جلسة محروس ومن إصبعه المضمّد بلفافة عظيمة، إصبعه المعادل الموضوعي للخازوق، وأي إصبع ؟؟ ذلك الذي يضغط على الزناد!! كيف تُفسر اللذة وما زال محروس يلقن الجماهير؟ أما المرأة المرأة فكان رائعة دريد لحام خير مبشر بعد لقائه بالمهرِّبة في المنطقة العازلة مابين السياسة والجغرافيا، كان أفضل منصفيها،  المرأة مُطلِقةُ الفرمون «مصطلح بيولوجي يعني جاذباً جنسياً» الذي يجعلك تحلق ذقنك بعد عزاء وطني أو قومي أو تجعلك شجاعاً بعد جبن، المرأة تنسيك التراب لأنها هو،  تجعلك وطناً لوطن أممي بلا حدود.. كيف أرتوي من المشهد المرأة هذا السؤال لما يزل.. فهل تجاوزت الحدود؟؟

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 22:41