ذاك نهر الفرات.. وهناك مات الفراتيُّ مهرجان.. يعيد دفن الموتى!

 لشدة الألم سكتّ فترة عما سمي مهرجان الفراتي الرابع، الذي حضره نيّفٌ وعشرة فقط بدلاً من العشرات أو المئات التي يجب أن تحضر، ويبدو الحضور والغياب ارتبط بحضور الأئمة من المسؤولين وغيابهم حصرياً!!

فلو أنّه مأتم لشاركوا فيه مظهرياً ولاجتمع المئات من المنافقين ولو أنه حفلة كحفلة سارية السواس الغنائية لحضر أيضاً الآلاف ودفع كل واحد 2000 ليرة ثمناً للبطاقة، وهي تقول لهم «اسمع بس اسمع .. يل عينك تدمع»، وليس في هذا شيء من الغناء، ولو أنها مباراة لكرة القدم لتدافع الآلاف أيضاً لمتابعتها!؟ والبعض في بحثه عن سرّ الغيبة غيبة الناس وغيبة الفعل الثقافي يلقي باللوم على مديرية المركز الثقافي، وآخرون على مديرية الثقافة، وآخرون يوسعون الدائرة فيحملونها للوزارة المسؤولة عن المشهد الثقافي وسياستها التي تتبعها في الوطن و.. و..!؟  كلّ ذلك الردح ينمّ عن العجز والهروب بتحميل المسؤولية للمستضعفين من قبل الضعاف أو بتعميم يبعد عن التشخيص الدقيق حتّى لا يُسأل أحد يوماً ما! والمعادلة في النهاية ينتج عنها تبخر الأحلام والأفكار الجميلة وترسب الغث والغثيثين فلم يتقدم أحدٌ بأي اقتراح أو يلقي حصاة تحرك المستنقع الساكن والذي يخفي تحت سطحه كثيراً من الترسبات والمستحاثات. وبدل النهر.. نهر الفرات الجارف الذي كان ملهماً للكثيرين وسبباً لوجود أقدم الحضارات البشرية على المعمورة والذي أصبح الآن مرهقاً أيضاً من التلوث الذي أصبحت نسبته عالية جدّاً!؟

قد تبدو الكلمات قاسية وتطرق بقوة عسى أن تفتح ثُغرة في الحسّ المتبلد لأن الوخز لم يعد يجدي!؟

  وعودة لما سمي مهرجان الفراتي الرابع الأدبي الذي اقتصر على بعض الحضور، وتحول إلى ساحة للمزاح السمج وكان عدد المشاركين أكبر من عدد الحضور، ووجوه متكررة وحكايات وقصائد أغلبها لم تحرك ساكناً مما يسمّى القص والشعر في اللغة مع تقديرنا الشخصي للجميع!! وغابت شمس كلية الآداب في جامعة الفرات بطلابها ومدرسيها ودكاترتها والتي من المفترض أن تشعّ في المنطقة، أو تكون  قمراً يضيء في الظلمة!؟ وهذا على الأقل لا يحتاج إلى مصاريف وتكاليف كثيرة بعكس ما يكلفه حضور واحد من المطبلين والمزمرين وما يتمّ له من حشد واستنفار لكل الطاقات!؟

«ذاك نهر الفرات فاحبوا القصيدا/ من جلال الخلود معنىً فريدا/ باســـــــــماً للحياة عن سلسبيل/ كلـــما ذقــته طلـــبت المزيدا».. الفراتي الشاعر الكبير ذو المواقف الوطنية والطبقية والمرهف الحس غابت صورته وغابت أعماله وتم تجاهله للمرة الرابعة في مهرجانه الذي سمي باسمه ويعاد دفن رميم عظامه مرة أخرى..!؟ هذا الرمز الوطني والثقافي يجري طمسه وطمس الكثير من رموزنا لقتل أية جذوة يمكن أن يرتفع سناها يوماً ما والتهميش والتجهيل الذي بلّدَ المشاعر والأحاسيس وجعل السيطرة لثقافة استهلاكية تزيد من توسعة الثقب الأسود لابتلاع الوطن والشعب والجغرافيا والتاريخ !؟ 

آخر تعديل على الأربعاء, 17 آب/أغسطس 2016 13:58