فواز العاسمي فواز العاسمي

عبد النور الهنداوي.. الشاعر أصله الفضيحة

الشاعر الحقيقي أصله فضيحة، أما الشعر فهو يشبه إلى حد ما  نهر حفر مجراه في صحراء خاوية.. عبد النور الهنداوي شاعر لا تأمنه ولو للحظة واحدة، ولا حتى برهة أو هنيهة، هو يشبه ذلك الماء الذي كذّب الغطاس!!

خبأ دمه كي يبعثره على السابلة في شوارع مدينته، وحاول جاهداً العثور على قلب لهذا العالم.. حين يبدأ بكتابة الشعر.. يعطي أصابعه للدهشة لئلا يتحول الخيال إلى مستودع للسراب، في بداية حديثنا قال لي بما معناه إن حياته تبدأ في ساعة متأخرة من الحياة. هو لا يعرف أبدا كيف يتعامل ضوء القمر مع وجهه، هو وحده رأى أحصنة تتأمل في القمر لتأكله خوفا من الأزهار الصاخبة.. تركته حرا ولم أزعجه بالأسئلة المباشرة. في رده عن تساؤل عن معنى الكتابة وجدواها في هذا العالم.. قال: «أثناء الكتابة.. يُلتهم جسدي قطعة قطعة دون أن ينطفئ؛ أحيانا أستبدل الوردة بالسراب، والأنهار الواطئة بالاتجاهات».

 

ولد في درعا عام 1950. التحق بجامعة دمشق كلية الآداب- فلسفة- ولكنه لم يتابع الدراسة. يعمل موظفاً في مجلس مدينة درعا منذ 15 سنة. أعماله الشعرية: «في البحث عن قبضة ماء.. في البحث عن الطفولة» (1986). «مفاصل الكوميديا» (1989). «أنا طويل وأخشخش بالورد» (2001)

أما عن الشعر «دع عصاك جانبا واتبع الزلزال حين يمشي إلى الوراء لأن الشعر قد دخل في غيبوبة وقد يبقى هكذا ألف عام.. الشعر هو الكمية القليلة من العذاب، وأيضا..الكمية الكثيرة من التاريخ.. الشعر أن ننقل الضوء من مقره الأبدي إلى مكان أبديّ أجمل ..الشعر غزالة شربت صوتها وانتظرت هنيهة لتمرّ»!! أما الشاعر فهو يرى أن: «هناك شاعر بنكهة الأقحوان.. وآخر ساهم في إقامة علاقة بين الأرصفة المالحة، والأزمنة النافلة.. وآخر امتلأ بكل الدنيا والناس وباللحظات التي لا تخطر على بال أحد، وآخر أمر ثيابه الداخلية بالوقوف دقيقة صمت حداداً على الطرائد المبجّلة.. وكما تعلم،أن الأنهار التي تأتي من بعيد تصنع الجغرافيا.. بينما الشعراء الذين يأتون من بعيد، يصنعون التاريخ!!!».. وعندما أصررت لماذا الشعر دون سواه، تردد ثم جاء البوح: «من أجل الشعر قطعت النار بوردة، وقطفت المجهول المدجج بالهدايا والطيوب الفاخرة لأظل كما أنا، من دون الشعر، لن يكون لنا أمكنة ولن تعرف من هو الذي هرّب الكارثة طواعية. كتبت شعراً عن الظلال الفاترة كي أعثر على أجزائي الضائعة.. و رويداً رويداً، رفعت التراب عاليا عن وجهي كي لا أصير بضاعة معذبّة، كتبت الشعر ليكتمل الحلم.. ما من شاعر في هذه الدنيا فرّق ما بين الدم، ورميم العظام السائبة، وبين الأرصفة الصدئة، وبين شاعر لم يكتب عن أريج الطغاة...

وصية عبد النور الهنداوي: «أن أحافظ على رخامه الساخن لكي لا يلحق الأذى بالهواء!!»..  عودة على بدء عبد النور الهنداوي شاعر ليس مهما جداً،لأن أصله وفصله فضيحة!!

ملاحظة: كنا في حديقة عامة عندما أجريت الحوار وعند محاولتي مقاربة الوضع الثقافي في مدينته درعا وفرع اتحاد الكتاب العرب فيها، قطع الحوار، وتركني وحدي!!!!

آخر تعديل على الأربعاء, 17 آب/أغسطس 2016 13:58