أعوذ بالله من «ميكي ماوس» ومن «شاعرة تل أبيب»

العالم ينهار في وول ستريت.. والنفط العربي يلعب لعبه؛ يرفعونه وينزلونه هناك في مانهاتن، فينزلوننا نحن ولا يرفعوننا أبداً.. النفط العربي يلعب بأعصابنا وجيوبنا بالخفة ذاتها التي تملكها أشباح المقابر. المستر بان كي مون، يقول إنَّ الأزمة الاقتصادية العالمية ستكون الضربة الأخيرة التي لا يستطيع كثير من فقراء العالم النجاة منها، وإنها تعرض كلّ شيء للخطر.. لا تمزح معنا يا «بان»؛ فكل النفط العربي مخصَّصٌ ومدَّخر لمحاربة أفعال «ميكي ماوس» الشيطانية. أعوذ بالله من «ميكي ماوس»، كلنا يجب أن يستعيذ بالله من «ميكي ماوس»؛ حسب توصيات عباقرة (جمهوريات) النفط العربي.

 وول ستريت ليس مربط خيلنا، إنه مربط نفطنا؛ فهناك يضاربون بنا، فينضرب رأس العالم بالبلاط وبجدران الفقر والجوع.. باي باي للقارة السمراء.. وداعاً أيها المشرفون على الموت في كل مكان. هذا رأس المال الذي يتحدث، فلترفع الأقلام؛ إنه «رأس المال الذي على عقبه»- باستعارة بسيطة لعنوان كتاب إدواردو غاليانو. لإدواردو غاليانو قصة رائعة عن الجوع أوردها في كتابه «أفواه الزمن» (ترجمه صالح علماني): قدم روايتك للوقائع أمر القاضي. وبيدين على ملامس الآلة الكاتبة، دوّن كاتب المحكمة أقوال المتهم، المعروف بلقب «البرغي»، المقيم في مدينة ميلو، الراشد، الوضع الاجتماعي عازب، والمهنة عاطل عن العمل.

المتهم لن ينكر مسؤوليته عن الجناية المنسوبة إليه.. أجل، فهو قد خنق دجاجة ليست ملكاً له.

وقال متعللاً: «اضطررت إلى قتلها، فمنذ زمن وبطني الخاوي يصفر.

ثم أضاف: لقد فعلت ذلك دفاعاً عن النفس، يا سيدي القاضي».

كان أبو ذر الغفاري أكثر صرامة في هذا الشأن: «عجبت لرجل لا يجد قوت يومه فلا يخرج شاهراً سيفه إلى الناس». 

أي الدجاجات سنخنق، وبأيّ سيف، في الوقت الذي يقوم به السيد جورج بوش بتأميم المصارف؟! لم يبقَ له إلا أن يحمل البندقية وينصر المظلومين مثل غيفارا.. هل يصدق أحد أنَّ جورج بوش صار شيوعياً!!.. ولمَ لا؟.

 كان بوش أثبت ذلك قبل الأزمة الاقتصادية العالمية؛ حين أمَّم لإسرائيل مخازن أسلحتها لقتلنا. دائماً كانت أمريكا تؤمم للأحلاف والتكتلات والقوى كلّ مشاريعها الموضوعة في الأدراج والمعدة سلفاً لسلبنا؛ وذلك بالتعاون مع جمهوريات النفط العربي.. في مسلسل موتنا الذي لا ينتهي.. ألا من فتوى واحدة ضدَّ شيوعية جورج بوش الجديدة، أم إنهم مازالوا يعتبرونه صاحب إرادة الله على أرض العرب؟!

حين كان في البلدان العربية شيء يؤمم، كانت أمريكا ومريدوها وأتباعها يعتبرون المؤمِّمين زنادقةً؛ أما نحن فمتسامحون إذا ما تعلق الأمر بزندقة بوش الانقلابية!!.

كيف ندافع عن أنفسنا في وجه كلّ هذا؟! انظر للسيدة جمانة حداد الشاعرة اللبنانية صاحبة الحضور اللافت، تجعل من تل أبيب معادلاً لمدينة اللاذقية.. هاهي في زمن وول ستريت تخدع كتاباً عرباً، وتنشر قصصهم عن مدنهم مع قصة للشاعر الإسرائيلي (التقدمي) اسحاق لاؤور. من قال لجمانة حداد إنَّ التقدمية الإسرائيلية تعترف بحقوقنا، وهل ثمة تقدمية في إسرائيل؟

 أكلما كذب مثقف عربي كذبة يجب أن نصدقها؟ ألا من أحدٍ يصدّق الدم الفلسطيني؟ بربكم أيهما أصدق وأكثر وضوحاً: مراوغات لاؤور وتنظيراته السياسية الخلبية، أم دماء الأطفال في غزة؟ ألا يجب أن نعوذ بالله من شاعرة تل أبيب في زمن وول ستريت.. إنه الزمان الذي لا نجد فيه دجاجاً نخنقه؟!