أحلام صغيرة بفواتير طائلة
«حبل الأمنيات الأخير- الوحش»، تأليف وإخراج سالم حجو، عرضٌ يمكن إدراجه ضمن مختبر المسرح التجريبي، حيث تأتي إشارة المخرج، في بداية العرض، لتفصح عن محاولة الخلط المنظم بين المدارس المسرحية.
اللوحة الأولى «حبل الأمنيات» جاءت متناقضة مع إشارة المخرج تلك، وذلك لغياب عنصر الحركة تماماً، وان أضفت طبيعة الشخصيات الشرعية على رتابتها، فالمعتوه (محمد دباغ) قادته إصابته بمرض عضال إلى مأوى للعجزة، ليفقد فيها فيما بعد عقله واتزانه الجنسي، ويلتقي بشريكه العاجز (محمود هارون) والذي فقد رجليه تحت عجلة آلةٍ صناعة، فكافأه صاحب العمل براتب شهري يكفيه المكوث في مأوى العجزة، ويقرر منفذ الإعدام (ناصر ماردنلي) بعد سماع أمنياتهم شنق نفسه بالحبل ذاته، ليفر هو الآخر من شبح الفقر الملازم له منذ ولادته. استطاعت الشخصيات بجدارة، فضح علاقات المجتمع المتفسخة، حيث قادتهم إلى حبل المشنقة لعجزهم عن تحقيق لو أمنية حتى لو كانت بسيطة، لذا لم يكن أمامهم سوى التفكير بحبل المشنقة، فالمحكومون بالإعدام وحدهم يحق لهم تحقيق أمنياتهم الأخيرة.
اللوحة الثانية «الوحش» جاءت مختلفة مضمونا ًعن اللوحة الأولى، إذ بدت البيروقراطية، والعقلية الوظيفية القديمة، كالوحوش تلتهم الأحلام والمشاريع الإبداعية والفنية. غائب وغائبة شخصيتان نعايشهما يومياً. غائبة (راما زيتوني) تتخرج من معهد فني لتجد في انتظارها متاهات تفضي إلى أبواب موصدة، أو إلى حقائب السفر. ورغم سلاسة النص والأداء المتميز للممثل محمد دباغ لشخصية الغائب، خرج العمل متواضعاً لغياب عنصر الحركة وسوء توظيف الإضاءة. العمل يسجل بداية جدية وجيدة لسالم حجو، ولمديرية الثقافة في حلب التي فتحت أبوابها لمدة ساعتين أمام هذه التجربة الشابة التي كلفت كثيراً من الجهد، وقليلاً من المال (خمس وسبعون ليرة) فقط، هي ثمن البودرة لخلق مشهد السديم.