ماذا عن المؤسسة؟؟
جرت العادة أن يكون هذا التساؤل مطروحاً من قبل النخب العربية والعالمية أيضاً، ولكن بتهكم أكبر من دعاة التمرد منهم على قلتهم فما مصيري في المؤسسة وكيف تعمل هذه المؤسسة، أتساءل ككاتب يشق له غبار وثوب وبنطال أيضاً.
ذهب الهزل وحل الجدُّ، فما الذي يعنيني من مؤسسة ما، تكلس أعضاؤها وتمترس منظروها خلف هالة من القواعد والأعراف واللوائح، فلأطرح هذا التساؤل بشكل أوضح: لماذا يكون الكاتب في المؤسسة أصلاً؟ أو لأجتهد أكثر وبشيء من الحذلقة: كيف لمؤسسة ما أن تؤطر كاتبا بحجم كافكا أو كفافيس؟! كل ما نعرفه عن الحرية يمحى بمجرد التأقلم والعادة، وهل رأى أحد مؤسسة لا تكون مرتعاً للمهاترات والتناطح على المصالح والمراتب ومنبتاً للروتين والعادة. وهذا التوازن الذي نراه هو توازن موتور مشوب بالحذر ومطهم بالقلاقل كل حين، طبعا هذا ما يخص الكتّاب على قلتهم والكتبة على كثرتهم فماذا عن المفكرين والفلاسفة على ندرتهم.. علينا وهنا لا أجزم ولا ألزم تعلم معنى الحرية أو أقله معرفة فضلها وكيف تغدو رافعة لنا في عصر الانحطاط الممتد منذ عشرة قرون. إذا كان لابد من المؤسسة فما لزوم مؤسسة فكرية لا تحمي أعضاءها من غيلة الفقر أو من المد الهائل للظلامية والظلاميين في عالمنا، فصرنا نسمع عن عناوين ممنوعة وأرواح مباحة ونصال مشرعة وفتاوى مخيفة.. مَنْ منا درس المؤسسة دراسة تحليلية (وهنا أقصد جميع المؤسسات المدنية المنتجة أو المؤسسات الخاصة بالكتاب من كل نوع وصنف أو مؤسسات دينية متواطئة مع السلطات بكل ضروبها حكومية أو أمنية أو رقابية اجتماعية)..
الخطوط الحمراء هي القاسم المشترك الأعظم بينها والحلقة الأضعف فيها هم أعضاؤها وأخص منهم المشاغبين بالفكر.. فيفصل عضو من «اتحاد الكتاب» مثلاً لمجرد رأي قد يكون نشازاً دون إخطار صاحب الصوت النشاز أو الجلوس معه ومحاكمته بوجود محاميه أي فكره.. وقد يصدر عضو في مؤسسة دينية ما حكماً غيابياً بحق كاتب أو رجل دين متنور دون السماح له بسوق مبرراته أو تقديم دفاعه.. ليختلط الحابل بالنابل فبدل أن تكون المؤسسات مرتعاً خصباً للحريات أصبحت مع سوء الإدارة والتخطيط وضعف الإرادة والابتكار مكاناً أشبه بحلبة للمصارعة مع الوحوش المفترسة عند الرومان!! تحديد مكامن الضعف و وضع اليد على مكامن الظلم في كل نظام إداري أو قضائي أو تشريعي أهم عندي من الاصطفاف مع هذا المذهب أو تلك الشريعة أو هاتيك السياسة، ربما بقبول أو بصد منكم أنوء وحدي بفضح مثالب ما يصدّره الغرب، ليس جميعه طبعا، بل ما يكون مدعاة للاستغلال المصلحي أو النفعي بوتيرة متناغمة مع العادي والمبتذل والممجوج أيضا. الدقة لا الوضوح ما يلزمنا ونحن نتفحص شروط وجودنا وتطورنا..