سمفونية الأهوار

سمفونية الأهوار

 

أدرجت لجنة التراث العالمي لمنظمة «اليونسكو» أهوار العراق ضمن لائحة التراث العالمي. وجاء في بيان المنظمة17/7/2016، أن «المناطق المدرجة ضمن المناطق المحمية تشمل ثلاث مدن أثرية وأربعة أهوار في جنوب العراق»، وأكد البيان أيضاً أن «الأهوار العراقية فريدة من نوعها، وتعتبر واحدة من أكبر المسطحات المائية الداخلية في العالم في بيئة جافة وشديدة الحرارة».

 

وتقع الأهوار التي يجري الحديث عنها، في جنوب العراق، وهي الحويزة في محافظة (ميسان) والأهوار الوسطى في (محافظتي ميسان وذي قار) والحمّار الشرقي في محافظة (البصرة) والحمّار الغربي في (ذي قار)، وتتمتع الأهوار بتميزها الاجتماعي والثقافي إضافة إلى خصوصيتها البيئية المميزة. 

تلخص حكمة سومرية مكتوبة بالخط المسماري على لوح من الطين، البعد الحضاري لهذه المنطقة: «حيث ما تغمر المياه الأرض ينمو الخير وتخرج أجنحة السعادة إلى الوجود». 

تميز سكان منطقة الأهوار بنمط اقتصادي واجتماعي معين، نتج عن تميز وتنوع البيئة التي يعيش فيها، فليس هناك أقاليم كثيرة مشابهة له في تنوعه البيئي، واختلاف نباتاته وحيواناته، حيث توجد أفضل أنواع النخيل في العالم في محافظتي ذي قار وميسان، ويعتمد السكان في عيشهم في هذه المناطق على الزراعة وتربية الحيوان والصيد، واعتمدوا في التنقل على قوارب صغيرة وصفها الشاعر العراقي مظفر النواب في ديوان الريل وحمد تحت عنوان «سفن غيلان إزيرج». 

تأثر الغناء في هذه المنطقة بالبيئة والتكوين الطبيعي الذي احتضنته، فأغلب سكان هذه المنطقة من نساء ورجال وشباب يتداولون الشعر «الشعبي» بتسمياته المختلفة وأشهرها «الأبوذية والعتابا..»، كما تميزت بأنواع الغناء الحزين الذي تؤديه أصوات المغنين بنغمات شجية، غالباً ما تكون ممدودة وطويلة، وبسيطة التركيب حيث تنسجم مع أصوات الطبيعة، يرافقها آلات موسيقية بسيطة كالناي مثلاً.  وقد استند كثير من المطربين والملحنين وحتى بعض الشعراء على الإرث الغنائي في جنوب العراق، مثل سعدون جابر ، حسين نعمة وفاضل عواد ، ياس خضر ، فؤاد سالم ،  رياض أحمد، حميد منصور، على المفردات المعبرة عن هموم أبناء الجنوب واعتمدوا على ألحانها التراثية، فقدموا فناً مميزاً، ألحانه شجية ومعبرة ومليئة بالعاطفة. بالإضافة إلى الحالة المعاشية والفقر والإهمال الذي عانت منه المنطقة، فحمل غناؤها (بحة) مكبوتة يعلوها الحزن، لتعبر عن عدم رضى مبطن أحياناً، أو اعتمدت الرفض والاحتجاج المباشر لواقعها أحياناً أخرى، ولهذا انتفضت مرات عديدة في وجه الظلم، الذي حفظته التراث الشعبي الريفي من الضياع.