احتفالية اليوم العالمي للمسرح: المنصة المهجورة
قال أحدهم ذات مرة:«أعطني خبراً ومسرحاً أعطيك شعباً عظيماً». رغم إغراق وجوده في التاريخ (القرن الخامس قبل الميلاد) إلا أن المسرح بشكله الحالي ككيان تفاعلي بقي حتى الأربعينيات من القرن الماضي دون إطار هيكلي مشترك يتيح التعرف على نتاج الآخر وتبادل الخبرات، حتى تم تأسيس المركز العالمي للمسرح بمبادرة من «اليونسيكو»، وبقي الأمر كذلك حتى اجتمع عدد من المسرحيين العالميين في فيينا عام 1961 وحددوا يوماً للاحتفال بيوم المسرح العالمي، وكان أن وقع اختيارهم على تاريخ 27 آذار، وهو موعد افتتاح مسرح الممثلة الفرنسية (سارة برنارد) التي عرفت بملكة مسرح التراجيديا، التابع للأمم المتحدة، ومنذ ذلك التاريخ تشهد مسارح العالم احتفالات بهذه المناسبة التي تستهل بكلمة يوم المسرح العالمي التي غالباً ما يكتبها أحد الوجوه البارزة في عالم المسرح.
وكما في كل عام نظمت مديرية المسارح والموسيقى التابعة لوزارة الثقافة، بالتعاون مع المعهد العالي للفنون المسرحية احتفالها السنوي بيوم المسرح العالمي على خشبة مسرح الحمراء في دمشق بتاريخ 27/3/2010، بحضور لفيف من المسرحيين، وعدد من الوجوه البارزة في دنيا الفن والثقافة، وتضمن احتفال هذا العام الذي اشرف فنياً عليه المخرج «مانويل جيجي»، ومدير المسارح والموسيقا «عماد جلول»، وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية «الدكتور عجاج سليم»، ودام ثلاث ساعات متواصلة، مجموعة من المشاهد الدرامية والاسكتشات (الغنائية والرقص الإيمائي لطلاب المعهد)، وكما تم تكريم الأساتذة الرواد في المعهد ومديرية المسارح، وهم أسعد فضة، نعمان جود، إلياس طبرة، هبة البيروتي وإستيلا خليل.
كما تضمن الحفل كلمة لمدير المعهد العالي للفنون المسرحية، وقراءة الرسالة السنوية بمناسبة يوم المسرح التي كتبتها لهذا العام الممثلة البريطانية «جودي دينش» وتتحدث فيها عن المسرح الذي يشكل مصدراً للمتعة والإلهام، ويمتلك القدرة على توحيد الثقافات والأمم في مختلف بقاع الأرض، فالعروض المسرحية يمكن أن نشاهدها في أبعد قرية أفريقية صغيرة، أو أماكن فيما وراء أحد جبال أرمينيا، أو حتى في إحدى الجزر الصغيرة في مياه المحيط الهادي، لأن كل ما يحتاج إليه المسرح هو فضاء ضيق يوجد فيه جمهور من الناس.. وألقاها الفنان «مصطفى الخاني» ومن ثم كلمة وزير الثقافة الذي شكر القيمين على الاحتفال، مشيراً إلى اعتماد المسرح كل يوم دون اقتصاره على يوم واحد، لتحقيق نهضة مسرحية تصل إلى مصاف الدراما السورية.
ولكن وفي محراب الذكرى تتنازع الخواطر جملة من الأسئلة التي لابد من أن توجه للقائمين على بنى مشروعنا الثقافي ومؤسساته فنحن سليلو عملاق المسرح العربي أبي خليل القباني وتجربته المُؤسسة هل نملك أن نقول إن هناك منجزاً مسرحياً وحالته بألف خير ومعافى، فبتتبع بسيط سيظهر العكس جلياً ومراً باستثناء بعض التجارب الشابة التي تكافح بعد أن هجر الأهل مسرحهم لصالح الدراما المتنامية، وبات الحديث عن المسرح لا يعدو كونه عملا موسمياً واحتفاءً كرنفالياً كلما اقتربت الذكرى.. هل بعض الفرق التي تشكلها المديريات الثقافية في المحافظات والمسرح القومي قد غدت هي الحامل الأساسي لوجود المسرح وحالتنا المسرحية في سورية.