«اسمي خان» ولست إرهابياُ بوليود تقول كلمتها الحضارية
يسعى فيلم «اسمي خان» بكل عناصره السينمائية لتقديم صورة جديدة عن العمل السينمائي الهندي بشكل عام، عبر خروجه على منظومة الفيلم الاستعراضي البوليودي القائم على قصص الحب والعائلة وصراعات الأبطال، من خلال اشتغال المخرج كاران جوهر على منظور جديد لعالم لا يزال تحت تأثير نوبات التعصب الثقافي وسوء الفهم الحضاري، وهذا يعيد إلى الأذهان تجربة المخرج الهندي العظيم «ساتياجيت راي» رائد سينما الواقعية الفلسفية الهندية.
يلعب الفيلم على تيمة رئيسية هي مفرزات أحداث 11 أيلول في أمريكا، وما خلفته من عنصرية على المستويات الرسمية والإعلامية والشعبية تجاه المسلمين، حيث يصب في صلبها مقولات الفيلم، دون أن يغض الطرف عن المجتمع الهندي وأمراضه الأثنية والطائفية.
يُسرَد الفيلم من خلال شخصية «رضوان خان»، وهو هندي مسلم مصاب بمرض التوحد، لكنه بارع جداً في إصلاح الأشياء المعطلة. خان يهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد التوتر الذي يحصل بين المسلمين. يتعرف على «مانديرا» الهندوسية المطلقة والأم لطفل وحيد، وتنشأ بينهما علاقة حب تتكلل بالزواج رغم كل لعنات التحريم والمعارضات من جانب المحيطين بهما، وتتسارع الأحداث بعد 11 أيلول وتنامي واستعار جرثومة العنصرية الأمريكية ـ الموجودة أصلا في المجتمع الأمريكي ـ لتصبح السمة الغالبة لتعامل اليانكي الشعبي والرسمي مع المختلف/ المسلم، ولو كان في عداد المواطنين الأمريكيين، وحين يقتل ابنه (كونه بات يحمل كنيته).
يعتقل خان ويتم التحقيق معه، مما يخلق شرخاً بينه وبين زوجته التي ترى أنها لو لم تتزوج بمسلم لما مات ابنها، ومن هنا سيقرر خان الذهاب لمقابلة الرئيس الأمريكي ليقول له عبارة بسيطة: «اسمي خان ولست إرهابيا». وهكذا بعين هذا البريء المحاصر بالتعصب والعنصرية والدعاية السلبية سنشاهد استكشافا للمجتمع الأمريكي، خصوصا بعد أن يغدو خان ملهما وبطلا خلال إعصار جورجيا، وهو الخروج الثاني للفيلم على منظومة البطل المقدمة سينمائيا وخصوصا في بوليود، حيث يقدم البطل الهادىء البسيط حد الوداعة كونه مصاباً بمرض التوحد، عندما تكون ردة فعله حضارية مقابل العنف والتعصب الذي يسيطر على الجميع، وخصوصا مع زوجته، وكل ذلك على خلفية أثيرية مرافقة تقوم بها الموسيقى التصويرية التي شكلت أيضا خروجا عن المألوف من خلال التطوير في استخدام الموسيقى الهادئة والمقطوعات الصوفية والأداء الغنائي المرافق لتصاعد الحدث بالطريقة الشاعرية التي قدمتها المطربة الشهيرة «راحات فاتح علي خان».
تبقى العلامة الفارقة هي الأداء المبهر لنجم أفلام الإثارة الهندي الأول شاروخان الذي قدم أداء حبس الأنفاس، إضافة لأداء النجمة كاجول الذي خرج عن مفهوم البطولة النسائية التقليدي في السينما الهندية التي تعتمد الجمال والإغراء ليكون الاعتماد على العواطف والانفعالات النفسية المختلطة لحبيبة ووالدة مكلومة.