عتبات العام الجديد
وهاهو دفتر أيامنا يطوي صفحة عام ويفتح أخرى، وفي النفس شيء من «ليت» و«لو» والكثير من آمال وأحلام تلاشت في زحام الحياة قبل أن تدون في صفحاته، إحساس بالندم، شعور بالذنب، ومفارقات مؤلمة.
مصائر غامضة ودروب مبهمة لشباب لم يكن يحلم إلا بالبسيط من الأشياء، يريد أن يكون فقط وأن يلحق بالزمن الهارب ليخط سطوراً ذات معنى في عالم الحياة.
عام مضى كسابقه، بغير اكتشاف، بغير دهشة، بمزيد من الروتين، بغير إنجازات أو إبداعات.. تبخرت في غمرة البحث عن الذات، بسيناريو يعيد نفسه في بلاد تحترف تضييق الخناق على شباب ما يزال قادراً على الطموح، يفيض أحلاماً وعطاءً واتساعاً، ويعرف الكثير عن المستحيل، بلاد تلجم شبابها، تكبل عقولهم، تلغيهم بشتى السبل، وتلقي بهم في حلقة مفرغة بغير مصير واضح، بغير هدف، بغير صوت، بغير منبر، بغير رأي، بغير عمل، ببطالة مافتئت تحد من القيام بأي حراك وتبدد أي أمل باستقرار ما، وتقذف بضحاياها خارجاً لتحتضنهم بلاد أخرى: «لعمري ما ضاقت أحلام الرجال، ولكن البلاد تضيق بأهلها»، كيف لا، وقد أخذ مجرد التفكير في مستقبل مجهول الملامح كل وقت وكل جهد، فلم نعد نصغي لصوت الجمال فينا، لنبض الروح، لفضاء الفنون، لطاقات الإبداع؟!
هكذا نكبر ونكبر.. ويفر عام آخر من عمر سريع، لنكتشف أن الكثير ضاع، ولفرط انشغالنا في ضجيج الحياة نسينا كيف نحيا، لكننا وفي كل عام يبدأ، وبالرغم من التشاؤم الذي يعترينا، والألم الذي يعتصر القلوب، والغموض الذي يلون الغد.. نعود دائما لننهض، وبالكثير من التفاؤل والإصرار، تهفو القلوب، ترنو النفوس لعام جديد بفرح جديد «نحن من يجيد الفرح» نشرع نوافذنا لضوء الأمل، نجمع قوانا، نلملم أحلامنا، نلونها، ونمضي واثقين لغد أجمل، سيكون العمر أجمل، ستكون الأرض أرحب، كيف لا ونحن «محكومون بالأمل»؟
فيا أيها العام الجديد كن على شيء من الجديد، وكن جديراً باتساعنا.