الدراما السورية تشعل الموسم الرمضاني بجديدها القديم
دارت عجلة الدراما السورية هذا العام أكثر من الأعوام السابقة، وأنتجت /32/ عملاً درامياً في محاولة للتفوق على نفسها، وعلى الأزمات التي تعصف بها، وتحاول بالوقت ذاته الاستفادة من تفاصيل الأزمة التي تمر بها البلاد لتكون مادة درامية دسمة في غالبية بعضها، ولتشكل مفصلاً جديداً في الأعمال السورية أطلق عليها دراما الأزمة السورية، كما هي دراما البيئة الشامية والدراما التاريخية والكوميدية وغيرها، مجسدة الألم السوري على الشاشة من جديد.
/32/ عملاً يعتبر الرقم الأعلى خلال سنوات الحرب وبزيادة عملين عن الموسم الفائت، وبغض النظر عن المستوى الفني ونوعية الأعمال وجودة الطرح والمعالجة، فقد أثبتت الدراما السورية موجودية أمام الدراما العربية عموماً، ونجحت في التحدي متغلبة على الظروف الصعبة التي تمر بها وأهمها انقطاع مصادر التمويل السابقة، وقلة أماكن التصوير وابتعاد عدد من الأسماء الكبيرة عنها، وقد يمنح ذلك، الفرصة لنجوم شباب وشابات من إثبات الكفاءة، وقد عوضت أزقة الشوارع القديمة وساحات دمشق وأماكن الطبيعة في سورية عن غياب أماكن للتصوير واستوديوهات سابقة نوعاً ما.
الملفت في هذا الموسم عودة الدراما البدوية وبإطار كوميدي من بوابة مسلسل «الطواريد» الذي صور وأنتج في الإمارات العربية، فيما غاب التاريخي! وسيكون الحضور فقط عبر «أحمد بن حنبل» تأليف محمد اليساري وإخراج عبد الباري أبو الخير، وما تزال أعمال البيئة الشامية تحتل الصدارة، مع اشتداد المنافسه بينها من خلال عدة أعمال جرى تصويرها هذا العام في محاولة للضغط باتجاهات مغايرة لمسلسل «باب الحارة» الذي يواصل تقدمه رغم الانتقادات التي طالته وكان أبرزها ما قاله الممثل أيمن رضا «إنه عمل داعشي بإمتياز» ، والملفت استمرار أعمال الأزمة بوتيرة عالية حيث شكلت مصدراً لبعض الكتاب والمخرجين الذين يجترون الألم ليجد المشاهد نفسه يتجرع الألم مرتين، مرة في الواقع ومرة على الشاشة.
ويبقى للدراما الاجتماعية المعاصرة حضور طاغ وهي تلتقط شتى أنواع الوجع من زوايا كثيرة، فيختلط الرومانسي بالواقعي بالاجتماعي، مع إغفال وربما بشكل متعمد أو غير متعمد، لغالبية الحالات الإيجابية في المجتمع التي يعج بها المجتمع السوري وتستحق أن تذكر في نصوص الدراما، ولكن يبدو أن الوجع والعتمة والسلبيات وحدها هي التي تجذب صناع الدراما الذين يجبرون المشاهد على ارتداء نظارة مصبوغة من سواد واقع يختارونه بعناية ليدر عليهم الربح، يحلو بذلك الرقص على أنغام الآهات والفساد والخيانة وغيرها من هذه المواضيع التي تعج بها درامانا المحلية..
وثمة ملاحظة لابد من الإشارة إليها وهي حضور الممثل الواحد في أربع أو خمس أعمال وربما أكثر، وهذه الظاهرة باتت موجودة في الساحة الفنية ولها سلبياتها كما لها إيجابياتها، وقد يكون تمركز الإنتاج الدرامي في «الموسم الرمضاني» وحصر العمل في شهر واحد، أحد اسباب وجود مثل هذه الظاهرة. وأخيراً لا يمكن الحكم على الأعمال وتقييمها مسبقاً، ولكن ستتضح الصورة لاحقاً بعد العرض والمتابعة، حيث سيمكن حينها تقديم تقييم صحيح وفعلي للدراما السورية وغيرها.