فلنسقط.. نحن العشوائيون!!

نحن العشوائيون أبناء العشوائيات، نحن المتخلفون والفقراء والشراذم، تعالوا.. وتقدموا فوق أحلامنا الرثة وسووها بالأرض، دمروا بيوتنا لتعيدوا تنظيمها بعد عامٍ بعد عامين وجيل، فها نحن قابعون هنا، وهنا هذه متغيرة حسب الظروف، لكننا قابعون هنا نعوي في الصحراء بلا مأوى، لن يتغير في حياتنا الكثير فنحن ننتمي تقريباً إلى الشارع، وليس في ذلك أي تواضع كاذب وليس فيه أية صعلكة.. نحن فعلاً ننتمي إلى الشارع، نعرف تاريخه جيداً، نعرفه صخراً نفتته تراباً، ونعرفه تراباً وطيناً نعبده، ونعرفه قبل أن تظهر فوقه البيوت، نعرف كيف نبنيها، نحن البنائين ومعلمي الطينة والصحية والجبصين والكهرباء والدهان، نعمل إلى جانب ذلك في بيع الخضار على الأرصفة، نجر عرباتنا ونبيع حسب الموسم، نعمل ندلاً في المطاعم ونتعرق منتظرين البخشيش، نعمل حراساً في المؤسسات، وأذنة في المدارس، وعساكر من النخب العاشر..، نحن إجمالاً قليلي ثقافة وقليلو تعليم، ولكننا في النهاية من نبني بيوتكم  وبيوتنا.. 

نحن العرعوريون وعملاء قطر والسعودية والصهاينة.. الخ، ذلك طبعاً حسب وصفكم، ولكن المحير أننا نحن بالذات من نعمل بين اثنتي عشرة ساعة وستة عشرة ساعة في اليوم، ونبني البلد بلوكة بلوكة.. ليتكرش الحرامية ويتحفونا بخطبهم الرنانة، ونحن للمصادفة أيضاً من نبعث أبناءنا للجيش العربي السوري ليستشهدوا دفاعاً عن الوطن..

نلتقي نحن المشردون في الأرض، نكاد نعانق في بعضنا أحلاماً زائلة لن تعود، نكاد نبكي للقاء أشخاص لم يكونوا يعنون لنا سوى جيران بعيدين، وهم الآن رفاق الأزمة ورفاق الشارع، الشارع الذي لا يؤدي إلى هدف، والنهار طويل والطرقات قاسية على من لا يعرف إلى أين يذهب..

نكرز في الأرض ونبشر وندعو ببؤس طفيف لا يجرح أحداً، نحمل همومنا وأسمالنا ونمضي لأننا لم نعتد الوقوف، لا مجال للراحة فالمصائب لم تتوقف.. فلتسقطونا ولتقضوا علينا قضاءً مبرماً لأننا سنعوي، ولأننا لن نتوقف عن العواء..

سنعوي ونعوي، ليس غريباً على الفقراء أن يعووا.. نحن ملح هذي الأرض، ونحن خلاصها..