لا تسرقوا بعل!!

فضح انفجار الأزمة في سورية الكثير من المشاكل ونزع ورقة التوت عن الكثير من الخفايا في العديد من المجالات ومنها تراث سورية وآثارها..

ظل البعد الحقيقي للعبة الغرب بتدخله في شؤون المنطقة بعيداً عن إدراك البعض، من خلال محو وجود الناس المتمثل في آثارهم وتراثهم، ومازالت طريقة التعامل مع الآثار على أنها كنز يجب إخفاؤه دون الاستفادة منه. لكن الثروة الحقيقية تكون من خلال  إظهار وترجمة هذا الكنز لمعرفة إبداع الشعب الذي أنتجه، فلكل قطعة من هذه الكنوز قصة وحكاية ترغبنا في معرفتها..

في  سؤال لقاسيون للآنسة ورود إبراهيم أمينة قسم الآثار الكلاسيكية في المتحف الوطني بدمشق عن أهم الأخطار الراهنة على آثار سورية:

 

مع دخول الاحتلال الامريكي، تعرض العراق لسرقة آثاره وتدميرها والعبث بتراثه، والآن تشهد سورية انفجار أزمة وطنية أثرت على مختلف مجالات الحياة ، فما هو تأثير الأزمة على آثار سورية وتراثها؟ وما الذي تعلمناه من درس العراق؟

للأسف نحن لم نتعلم من درس العراق .. فلم نضع خطة طوارئ للحفاظ على تراثنا وآثارنا في فترات الأزمات، حيث توضع خطة الطوارئ عادةً قبل الأزمة .. هذا ما حصل أيضاً في العراق لكن وعيهم للمخطط بدأ أثناء الحرب، حيث  التفت علماء الآثار والعاملون فيها إلى هذه القضية، إذ وجدت مخابئ سرية للآثار في العراق ، حيث تعامل بعض القائمين عليها مع المحتل الأمريكي وأخبروه عن المداخل السرية، وكان ذلك درساً  من الممكن الاستفادة منه قبل الأزمة في سورية، لكننا وللأسف لا نملك مثل هذه المخابئ أصلاً.

 

• ما هي الاحتياطات التي اتخذت لتفادي تكرار السيناريو العراقي؟

يمكن ضبط أمان المخابئ السرية على غرار البنك المركزي بإجراءات أمنية معقدة نسبياً. أو بتوكيل  هذه المهمة إلى جهة متخصصة وطنية موثوقة لحمايتها. بحيث لا يكون هناك شخص واحد فقط مسؤول عن الآثار، كيلا يحصل كما حصل في العراق إذ خان أمين المتحف بلده وقدم معلوماته للمحتل الامريكي ..

لكن الوعي هو الضمان الأهم وخاصة المختصين إذ كما حدث في العراق عندما انتبه أمناء المتاحف والعلماء لخطورة الأمر، فخبؤوا القطع الأثرية في بيوتهم.

عندما دخل الأمريكان كانوا يرمون إلى تدمير حضارة معينة، وليس كل الفترات لإثبات وجود الفترة العبرية اليهودية في هذه المنطقة، فجرى تخريب متعمد لتدمير كل ما يمت بصلة لهذه الفترة ويزامن هذه الفترة. وكذلك تشويه الفترة الإسلامية للتعبير عن تشتتها. ..

يدل علم الآثار على وجود الإنسان وتدمير الأثر يلغي إثبات وجود الإنسان، فقد جرى في العراق تشويه الرقم الطينية أو ما يسمى بالتابيليت  المصنعة من المادة الطينية التي لا تشوى بل تجفف إذ قام بعض العلماء اليهود بمحو الكتابة المسمارية التي تكتب بالضغط على الطين، باستخدام الماء وغيروا النصوص بما يتوافق مع ما يريدون ، والخطير في الأمر أنه لا يمكن كشف هذه العملية لأنه عند تحليليها تظهر النتائج الزمن الحقيقي للطين ولكن لا يمكن إثبات زمن ما كتب عليها.

كان المطلوب سرقة وثائق نصوص بابل لحمورابي لأنها توثق تاريخ المنطقة منذ حوالي 4000 سنة ق.م في محاولة لتزوير تاريخ المنطقة  وتهويده حيث اكتشف بعض العلماء العراقيين مثل الدكتور نائل حنون الكثير من الأخطاء المتعلقة بأصول شعوب منطقة الرافدين وسورية التي زيفها الغرب.

 

• ما دور التوثيق والأرشفة في صون الآثار؟

يوجد قانون وميثاق عالمي للحفاظ على التراث في حال تعرضه للتلف والتدمير سواء بالحرائق أو الحروب أو السرقة، إذ تستطيع الدولة المعنية استعادة الأثروترميمه أو إعادة بنائه ثانية إذا كانت تمتلك وثيقة عنه. لم يتم توثيق آثارنا حتى الآن وقد طلبنا مرارا أن يتم تصوير هذه القطع والمباني التاريخية، كدمشق القديمة مثلاً وحلب وغيرها من المناطق الأثرية ليصار إلى تصويرها جوياً أو بكاميرات فيديو، ولا يحتاج ذلك للكثير من الوقت والجهد ، وبدأت المتاحف مؤخرا بجمع القطع الأثرية وحفظها، لكننا لم ننه توثيق القطع بعد ، والمشكلة ليست فقط بعدم الاستجابة للمطالبة بل يجري تفسيرها بشكل خاطئ، حيث يتهم كل من يشير إلى الخطأ بالخيانة، والإدعاء أن الأمور بخير لا يحل المشكلة ، ينبغي العمل بالأرشفة والأتمتة في كافة المجالات في البلاد وليس فقط في الآثار.

 

• نشرت وسائل الإعلام عن تعرض بعض المباني الأثرية للتدمير، من يحميها؟

اليونسكو لم تفعل شيئا تجاه ما حدث في سورية، وحربنا خارجية ولو كانت أدواتها داخليا ..اليونسكو مثلا لم تتحرك إزاء حماية آثار سورية، كما حدث عندما تم تدمير التماثيل البوذية في أفغانستان وآثار العراق مما يثير الريبة وإشارات الاستفهام عن هذا التغاضي المتعمد، مع أن الميثاق العالمي اعتبر الآثار مثل المياه ملكاً للبشرية.

 

• أليس واجبنا حماية تراثنا وآثارنا بغض النظر عن موقف اليونسكو؟؟

على الدولة مشاركة المواطن بحماية تراث بلده، وهذا ما تؤكده تجربة اليونان، وفي سورية في القريتين استقبل الأهالي السواح في بيوتهم وقدموا لهم الطعام الشعبي فالسائح لا يبحث عن فنادق خمسة نجوم قدر ما يبحث عن الاختلاف. وفي تدمر يستقطب البدو السياح بالخيمة والجمال والطعام الشعبي والأغاني فتصبح حماية الآثار جزءاً من دفاعه عن رزقه ولقمته ويرتبط عيشه بمفهوم الهوية ..