حاورته: إيمان ذياب حاورته: إيمان ذياب

تتابع قاسيون نشر ملف «خلف الكاميرا» خلف الكاميرا : مهندس الديكور بسام أبو عياش

سيرة ذاتية:

ولدت في أسرة فنية وأدبية، كان والدي قاضياً وفناناً ومارست والدتي الفن التشكيلي، وتنقلت بين سورية ولبنان، إلى أن استقر والدي في دمشق، درست في معهد ادهم اسماعيل للفنون التشكيلية، والخزف في معهد الفنون التطبيقية وانا عضو في نادي التصوير الضوئي تعلمت الكثير ومارست مهناً مختلفة يجمعها الإنتماء للفن، شاركت في العديد من معارض الرسم  والتصوير الضوئي، ودرست هندسة الديكور في كلية الفنون الجميلة وعملتُ إثناء دراستي في التلفزيون العربي السوري كمساعد متدرب مع أساتذة كبار مثل لبيب رسلان وأنور زركلي وغيرهم، وعملتُ بعد تخرجي مع كبار المخرجين السوريين، وشاركت في أعمال متنوعة كـ «أشياء تشبه الحب»، الرياح الابدية»، «انتقام الوردة»، «المتمرد»،»وادي السايح». وأعمال عن الأم والانتفاضة والجلاء والكثير من البرامج الاجتماعية والثقافية والتربوية والعلمية.

استقبلنا في مرسمه الصغير، تسبقه ابتسامته، تشارك الكتب التي تغطي الجدران، الحطب المشتعل في الموقد الصغير بنشر الدفء في المكان، وتغطي البسط اليدوية الأرض، فتشعر أنك في بيتك، بينما تحضر التكنولوجيا بخجل، وسط بقية الأشياء والأدوات. مع الدرجة العالية من تنظيم الملفات والصور.

كيف يخدم الديكور الدراما، وينقل النص المكتوب إلى واقع حي؟ 

يتكون التصور الأولي لبيئة العمل بعد قراءة النص الأولى، ثم ندرسه بعمق ونتمثل روحه لمعرفة نفسية الشخصيات وتفاعلاتها مع المكان والزمان الذي عاشت فيه، وكثيراً ما نعود إلى بعض المراجع إلى أن تتكون رؤية عامة لمشاهد العمل فكانت تجربتي في مسلسل أيام شامية مثلاً، حيث مكثت مع مساعدي في دمشق القديمة لمدة شهر قبل التصوير،رنصور ونرسم ونزخرف، إلى أن جهزنا الاستديو بشكل مطابق للواقع، وقد أذهل المشاهدين بعد تنفيذ العمل وجعلهم يسألوننا في أية حارة تم تصوير المسلسل؟ ولم يشكوا لحظة أن التصوير كان في أغلبه داخلي في الاستديو!!

كيف يتوصل مهندس الديكور إلى إغناء الشخصيات وإثراء عوالمها الخاصة أثناء التحضير للعمل؟

نحن نعتمد على علم النفس وندرس نفسية الشخصية وبيئتها وتاريخها بعمق، ونستوحي ما يجب أن يحويه المكان، فنجهز الغرف للممثلين وفقها، بحيث يعبر ديكوركل غرفة عمن يقطنها، غرفة مراهقة تعبر عن روح المُراهقِة من خلال إظهاراهتماماتها وطريقة تفكيرها مثل رسوماتها وصور الفنانين المفضلين عندها..الخ، بينما تُظهر غرفة مجرم تفاصيل مختلفة. وهذا الأمر يحتاج لشهر أو شهرين من التحضير المسبق، ونلاقي صعوبات ومعاناة حقيقية فنضطر للعودة كثيراً إلى مراجع مختلفة خاصة إذا كان عملاً تاريخياً كمسلسل العبابيد حيث استخدمنا الطيران لتصوير المنطقة للاطلاع على تفاصيل المكان (أعمدة وقصورمسارح وتماثيل غيرها) ثم ننفذ الديكور في الاستديوهات، مع الاستفادة من موجودات البيئة المعنية، يفترض بمهندس الديكور أن يكون ملماً بالكثير، من التاريخ إلى علم النفس وفن العمارة وغيرها.

ماهي العلاقة بين الديكور والإكسسورات من الناحية الجمالية والتوثيقية؟

يتكامل الديكورمع جميع عناصر العمل، وخاصة الإكسسوار، ويفترض أن يتعاون الطرفان لإنجاح العمل وتكمن أهمية الإكسسوار في أنه يرفع من قيمة العمل وسويته، فهو يشكل جزءاً مهماً من الديكور ويعطيه روحه، كونه يغني البيئة ومشاهد الحياة اليومية بالتفاصيل.

ماأهم المواد المستخدمة في بناء الديكور وما مواصفاتها؟

نستخدم مواد متعددة ومختلفة حسب البيئة المطلوبة كالخشب والكرتون والفلين بالإضافة إلى الأسمنت والجبسين والطين، وأهم صفاتها أن تكون مطابقة للنص فلا يجوز استخدام بيوت أسمنتية في بيئة شامية قديمة، ونقوم غالباً باستخدام مواد خفيفة يسهل تغييرها وإعادة استخدامها.

كيف تخلق فكرة ديكور عمل ما وتستشف نمط وشكل الديكور الذي يحتاجه؟

أقرأ النص وأدرسه و أضع الأماكن المقترحة للتصوير ثم أعد ميزانية مبدئية بعدها أجلس مع المخرج، فنتبادل وجهات النظر حول تفاصيل النص وتناقش الاقتراحات التي يتم التوافق عليها كاختيار مكان التصوير في أية محافظة وأحيانا نحتاج للتصوير في الخارج في أوربا مثلاً حسب النص، وبعد الاتفاق مع مدير الإنتاج على الميزانية أجمع الكادر من منفذي الديكور والعمال بالإضافة إلى منفذي الإكسسوار وأقدم لهم عرضاً عن المطلوب ثم يتم نقل العمل إلى حيز التنفيذ المباشر، كل هذا قبل التصوير ويبقى البعض أثناء التصوير من أجل المتابعة والطوارئ بينما ينطلق بقية الفريق لبناء ديكور في مكان آخر لاستكمال العمل ولا يجوز التأخير فكل ساعة لها قيمتها ونتحمل مسؤولية تقديمه دون أخطاء تقريباً.وأنا أضع كل مفردات عملي ضمن تصوري وأقدمها وأقوم بشراء المواد من الأسواق.

مالفرق بين الديكور العادي والديكور الدرامي التخصصي وهل يوجد مدارس لهذا الاختصاص؟          

الديكور العادي أو الداخلي في تجهيز البيوت للاستخدام والسكن فقط وهو ثابت نسبياً أما الديكور الدرامي فهو أوسع ويخلق عوالم كاملة (شوارع وحارات ..الخ) وهو متغير حسب القصة، وأحياناً يختلط الاثنان ويكتملان فنقوم بفرش البيت ليناسب العمل الفني، بالإضافة إلى تجهيز ما تبقى.

  جرت محاولات لإنشاء اختصاصات وفشلت لأنه لا يوجد اختصاصيون للتدريس، ورغم محاولات إدخال بعض المواد المتعلقة بالإضاءة وغيرها في المناهج إلا ان المشكلة مازالت قائمة، ويواجهها الجيل الجديد، المتعدد المواهب ولكن يحتاج فرص عمل، والناجحون يضطرون للعمل في الخارج، فيستفيد الغير من خبراتهم ومن المفروض أن يكون هناك إشراف مؤسساتي يحتضن هؤلاء يلزمنا كلية مختصة بتفاصيل العمل الدرامي والتلفزيوني وأقسامه المختلفة ولا يكفي المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يتم التعامل مع الدراما كصناعة وطنية ذات مردود عال بينما يوجد تقصير وإهمال كثير سواء في العمل النقابي، حيث مازلنا نتبع نقابة الفنون الجميلة، مع أن المفروض أن نكون تابعين لنقابة الفنانين.  

أتمنى أن يتم الاهتمام بإعداد الكوادر اكثر والاستفادة من المواهب، والابتعاد عن المحسوبيات في التقييم وتقديم الفرص، فعملنا ليس مهنة، بل فن، والفن يتميز بروحه، ويفشل عندما يعتمد على الواسطة ويصبح المتسلقون عبئاً على الفن الحقيقي، الديكور بحاجة لدراسة وإتقان ولا يكفي أن تحصل على بعض المعلومات من النت وتقوم بتنفيذ ديكورات جاهزة(وهوما يفعله الكثيرون الآن) لدينا بيئاتنا السورية الغنية والتي تحتاج للدراسة والعمل، جيلنا تعلم ووتتلمذ على يد كبار الأساتذة وصقلت التجارب معارفه، واليوم في ظل تطور التكنولوجيا يحتاج العمل للكثير من التعب والتعلم.