مهند عمر مهند عمر

الخامس من حزيران استمرار لزحف الربيع العربي

لأول مرة منذ احتلال فلسطين، وتشريد شعبها عبر أبشع عملية تطهير عرقي في التاريخ الحديث على يد العصابات الصهيونية، استحال الفعل الفلسطيني في الذكرى الثالثة والستين للنكبة حراكاً شعبياً بامتياز، بعيداً كل البعد عن كل التقاليد والنمطية التي اعتادت الفصائل والقوى الفلسطينية على إحياء ذكرى النكبة من خلالها.

ومن بين أزهار ربيع الثورات العربية فاح عبق فلسطين، وانطلق الشعب العربي الفلسطيني  يخوض حربه المباشرة مع الكيان الصهيوني، وليرسخ حقه في العودة إلى دياره التي شرد منها، وينقل هذا الحق إلى إطار التطبيق العملي عبر فعل شعبي جامع، بعدما جعلته السلطة الفاقدة للشرعية الشعبية، ولفترة طويلة، بنداً على ورقتها التفاوضية مع الكيان الصهيوني، واكتفت بقية فصائل العمل الوطني الفلسطيني الأخرى، إلا من رحم ربي ، بإنشاء لجان للدفاع عن حق العودة لا تسمن ولا تغني عن جوع اندثر معظمها وتحولت بقية هذه اللجان إلى مؤسسات خدمية للاجئين  الفلسطينيين في دول الطوق.

المكان الذي أوصلنا إليه الاستهتار بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، والمحاولات الحثيثة لتوطينهم، في ظل ترهل تعيشه الحالة الفصائلية الفلسطينية، جعل الشباب الفلسطيني المتأثر بما تمر به المنطقة، يسعى إلى تنظيم جهوده عبر مسميات عدة كان أحدها «الحراك الشبابي المستقل» في محاولة لبناء آلياته الديمقراطية في العمل من أجل تحرير فلسطين، بعد أن أقصي هذا الشباب وهو عماد الثورة الفلسطينية ومفجرها لفترات طويلة، واكتفت القيادات الفلسطينية بالتنظير لنهج التسوية وحل الدولتين بعد أن نظرت طويلا للمرحلية.

اليوم، وبعد أن أدهش الشباب العربي الفلسطيني، العالم مرة أخرى، وأسقط نهج التسوية المقيت، باقتحامه للحدود مع الكيان الصهيوني في ذكرى النكبة، يجري التحضير على قدم وساق للزحف في الخامس من حزيران، نحو كل نقاط التماس مع العدو، وإلى سفارات الكيان حول العالم، وتلك التي ما زالت تلوث أرضنا العربية، في ذكرى النكسة والهزيمة العربية، هذه الذكرى الكئيبة التي قرر الشباب العربي الفلسطيني جعلها يوماً جديداً للعودة، العودة التي شكلت «الأنظمة العربية» المستبدة جنباً إلى جنب مع الاحتلال حاجزاً منيعاً في وجهها، انهار بانهيار وتداعي هذه الأنظمة الديكتاتورية أو من تبقى منها، والتي كشف الخامس عشر من أيار أنها الحامية الحقيقية للكيان الصهيوني، ولكن الشباب العربي، الذي انتفض على هذه الديكتاتوريات، لن يسمح هذه المرة لأحد بوقف زحفه نحو فلسطين، فهو لا يعرف حدوداً للتضحية، وبإصراره الذي لا يلين وإرادته الحديدية، يقف اليوم ليؤكد مرة أخرى أنه قادر على صناعة المستحيل، وأن زحف الربيع العربي لن يتوقف مهما داس الكيان الصهيوني و«الأنظمة العربية» على أزهاره، ومهما قتلوا واعتقلوا وانتهكوا الحقوق الأساسية لشعبنا العربي إلا أن الربيع العربي الذي نعيشه حتى اليوم لن تغطي سماءه غيمة عابرة هنا أو هناك.