خلف الكاميرا.. الماكيير إيلاف المصري

السيرة الذاتية:

البداية كانت بالمصادفة، لم أخطط لذلك، فقد درست الكومبيوتر، كنت أرافق والدي في صغري وأحيانا كنت أتغيب عن المدرسة لمرافقته إلى التصوير إذ اشعر بمتعة بمراقبته أكثر في مجموعة تعمل مع بعضها بشكل عام وكمهنة مكياج بشكل خاص، فتلقيت هذا بصرياً ثم تحول إلى مهنة، عملت بدايةً كمساعد في حمام القيشاني الجزء الثالث ثم عملت بنفسي في «الطير»، وقررت الدخول إلى المهنة بعد أن وجدت نتائج مبشرة، لم أتوقف عن التعلم، فالتعلم عملية مستمرة لا تتوقف في مجالنا، شاركت في عدة أعمال درامية وأفلام، منها تاريخية وفنتازيا وغيرها.

 

لا يعرف الناس الكثيرعن مهنة الماكيير، ما الفرق بين المكياج العادي والمكياج الدرامي؟

التجميل جزءٌ فقط من مهنة الماكيير مهنتنا أشمل من التجميل، وتتعدى جعل الممثل أجمل على الشاشة وتتعدى الرسم وتعاكسه فالرسام يرسم الوجوه دوماً كطول وعرض ويوحي بالبعد الثالث، أما نحن فنأخذ الأبعاد الثلاثة ونصيغها على الشاشة كطول وعرض، ونشكلها كما نريد ونعمل على إخفاء عيوب البشرة لونها وشفافيتها، أو انحراف الأنف أو عظم فك بارز، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الاضاءة، ونتابع العمل لآخر لحظة ونمر بأخطاء نحاول تصحيحها تتعلق بالمكان والوقت والمواد المستخدمة، مهنتنا داخلية يفترض أن تكون في بيئة مغلقة فالمواد المستخدمة مصنعة على هذا الأساس وأحياناً لا تصمد وتتغير مواصفاتها في البيئات المفتوحة نتيجة التعرض للهواء أوالحر والبرد الشديد مع تعرق الممثلين، مواد المكياج الشمعية تصبح قاسية بالبرد ولا تعمل بالإضافة إلى اللواصق اما بالنسبة للوقت فنعمل ضد الوقت، وتزيد صعوبته العملية الانتاجية التي تتطلب دوران الكاميرا بأسرع ما يمكن ويطلب منا تجهيز الفنانين بسرعة، ونحاول تجاوز الصعوبات بالتعاون مع الجهة الانتاجية، كالمواد المكلفة، واختلاف ألوان البشرة فنضطر لاستخدام ألوان ونوعيات متعددة يصعب توفيرها فوراً وهي بحاجة لوقت شحن، وحساب صلاحية المواد.

ما علاقة هذا الفن بالتلفزيون ؟

نشأت هذه المهنة مع التلفزيون العربي السوري حيث أنشأ والدي محمد صبحي المصري شعبة المكياج، ثم تطور العمل واستقطب كثيرين وكان التلفزيون بالأبيض والأسود، والعيوب التي يطلب من الماكيير تجاوزها كثيرة، منهاعيوب الكاميرا إذ لم تكن تنقل اللون بصورة حقيقية فيضطر الماكيير الى المبالغة ببعض الألوان لتظهر حقيقية وألوان تعمل نزفاً لونياً كالأحمر الفاقع، ومع تنوع المواد المستخدمة والتكنولوجيا ونشوء السينما خلقت تحديات جديدة أهمها المشاهد، الذي صار واعياً وناقداً مما تطلب تقديم ليس فقط ما هو جميل بل مقبول ومقنع وموافق للبيئة المصورة.

ماهي الخبرات التي يجب أن يمتلكها الماكيير وهل يوجد لدينا مدارس لتعليم هذه المهنة؟

يوجد الكثير من معاهد التجميل في سورية أو لبنان ولكن يلزمنا دراسة خاصة لمكياج السينما والتلفزيون فهناك مفاصل ومعلومات تتعلق بالتعامل مع الكاميرا، المعهد العالي للفنون المسرحية يعلم مبادئ المكياج من أجل مكياجهم المسرحي. هذا ليس كافياً للتلفزيون فالامر مختلف ويتعلق بالإضاءة. ولا يطلب من الممثل الإلمام بهذه التفاصيل، بالإضافة لمعاهد المكياج التلفزيوني ومعظمها لا يرتقي للمطلوب. لديهم كفاءة نظرية ولكن يلزمهم دعم بالتطبيق ولأن مدرسيهم يجب أن يكونوا ممارسين للمهنة، التي تعتبر فرعاً من الفنون الجميلة. المسؤول عن إنشاء فرع للميكاج التلفزيوني كلية الفنون الجميلة، يصعب فتح كلية بسبب قلة العدد فعلى من يريد أن يمتهن، دخول معهد ثم تطوير خبرته المهنية بالتعلم ومتابعة المعلومات، ثم يتلقى من المحترفين التفاصيل المتعلقة بالطوارئ خلال العمل.

ما الصعوبات التي تواجه عملكم؟

المهنة غير محمية بنقابة الفنانين لأن القانون رقم/13/ لم يشمل مهنة الماكيير التلفزيوني رغم أن مهنتنا درامية بحتة، وطالبنا كثيراً بضمنا للنقابة لحماية حقوقنا دون جدوى، في هذه المرحلة لا أرى أن النقابة يمكن أن تطور مهنتنا وتحمينا، ولكن تأسيس ملتقى أو مؤسسة تجمعنا وتعرفنا على بعضنا وتجمع جهودنا ضرورة، ولا مانع من تبادل الخبرات. الإيرانيون لديهم تجربة جيدة بهذا المجال بتسلسل إداري هرمي ضمن بيئة مؤسساتية. وعندهم قدرة على استدعاء مجموعات كبيرة للأعمال الضخمة، نحن بحاجة لهذا بوجود اتجاه نحو أعمال كبيرة، لإيجاد بيئة تمكننا من العمل مع بعضنا وتنظم جهودنا قبل العمل وليس أثناءه.

ما علاقة الماكيير بنجاح العمل الفني أو فشله؟

هو أحد ركائز العمل فهو يعيد صياغة وجه الممثل وشخصيته على الشاشة، ويؤكد مصداقية درامية الممثل والنص، بنقل الكاركتر من النص المكتوب إلى واقع حقيقي، هو همزة وصل بين النص والممثل والشاشة.

والمطلوب من الماكيير الإلمام بكل شيء: تجميل الرجل والمرأة والخدع والحيل كالجروح والحروق... إلخ انتهاء باللحى والشوارب والأقنعة، وقد يمر وقت لا يستعمل هذه الخبرة لكن يجب أن يكون ملماً بها. في الأعمال التاريخية نستخدم خبراتنا أكثر، رغم أنها متعبة وتحتاج لمجموعات وفي الغالب كنا نستعين بالإيرانيين لأنهم فريق عمل.

ما هي وجهة نظرك لتطوير آفاق هذه المهنة مع تطور الدراما؟

مع تنوع الجهات المنتجة، صار الموضوع عرضاً وطلباً، والمنتج يبحث عن أقل تكلفة لعمله فيحضر أناساً غير مختصين كفايةً، والشللية لها دور إيجابي يقوم على اختصار التعارف والانطلاق فوراً للعمل بانسجام، من الملح أن لا نعمل كأفراد في المكياج بل كجماعات ونوفر جهودنا ونتبادل الخبرات لنعطي أداءً أفضل. المهارة لا تنتقل ولكن الخبرة تنتقل، لمواكبة التطور في الدراما.

ماعلاقة الماكيير مع بقية تفاصيل العمل؟

المخرج يعطي الرؤية العامة للعمل، أحياناً يرغب المخرج بتقديم ماهو أغنى من الواقع والمطلوب التعاون معه، ومع مدير الإضاءة والتصوير ضمن الرؤية الإخراجية العامة، الماكيير عمله مستمر لا ينتهي إلا بانطفاء الكاميرا، مهما تكررت إعادة المشاهد.