مطبات: الاقتصاد الأخضر

تتواصل الندوات ومعها الدعوات من أجل بيئة نظيفة وخالية من كل أشكال التلوث، ولا يكاد يخلو شارع في دمشق من لوحة إعلانية طرقية تشير إلى البيئة كعنوان لحملة وطنية شاملة، ومنذ أكثر من عام بدأت وزارة البيئة هذه الحملة بعد أن صدرت تقارير محلية وعالمية تضع دمشق على لائحة أكثر مدن الأرض تلوثاً.

 

كما وصلت الحملة لتزيين مداخل البلدات والقرى النائية في ريفنا القصي، ولم تتوان أصغر الوحدات الإدارية عن القيام بأعمال تنظيف وحملات طوعية، وحملت شعارات ضد أكياس النايلون وإعادة تدوير الورق..إلخ من عناوين في النهاية تصب في خانة الوطن النظيف الجميل.

بالمقابل لم تبخل الجهات الوصائية بمخالفة كل من تسوّل له نفسه رمي الأوساخ من السيارات، وحملت بعض الإعلانات البيئية صوراً لأطفال ينبهون الكبار، ويدعون إلى عالم نظيف لهم، ولكن المساهمة الإعلانية الكبرى كانت لوزارة البيئة التي تقود الحملة الوطنية للبيئة، وصولاً إلى الدعوات الأخيرة لاقتصاد وطني أخضر.

الدكتورة كوكب الداية في ندوة عن الاقتصاد الأخضر قالت: إن التحول إلى الطاقة الخضراء التي يقوم توليدها على أساس الطاقة المتجددة هو أحد نماذج الاقتصاد الأخضر التي تسهم في خلق «فرص العمل الخضراء»، ومنع التلوث البيئي، وتخفيف الاحتباس الحراري، ومنع استنزاف الموارد، والتدهور البيئي.

تعترف وزارة البيئة بما ارتكبته الأيدي الطويلة خلال عقود من الإهمال والاعتداء على بيئتنا بقسوة، فتلك الأيدي من رفعت بجدارة نسبة التلوث البيئي إلى درجاته القصوى، وإلى ما فوق المعايير الطبيعية للأمان البيئي، وهي من لوثت هواءنا بعوادم السيارات التي لم يستطع منظرو اقتصاد السوق الاجتماعي ضبط تدفقها، أليسوا هم من فتحوا الباب لمستوردي الحلم السوري الممتاز، أليسوا هم من يعترف بدخول مئات السيارات لدمشق يومياً كعوادم جديدة، ألا تعترف مديرية النقل بدمشق بأكثر من 250 سيارة جديدة تضاف إلى الكم الهائل للسيارات التي تخنق العاصمة وتخنقنا معها.

ألم ينصحنا هؤلاء بالمازوت الأخضر صديق البيئة، وبالبنزين عالي الأوكتان، ولكنهم حتى تاريخه لم يعمموا هذه النصائح لتسير عليها السيارات بوقودهم البيئي.

ألم تساهم نظرية السوق المفتوح بارتفاع الحرارة في بلادنا كمساهمة منا في الاحتباس الحراري العالمي، واستطعنا ببساطة أن نوسع دائرة السواد المحيط بسماء العاصمة.

ألم تستنزف الأدمغة المتسلطة نتيجة سوء الإدارة مواردنا الطبيعية من ماء على سبيل المثال بالكم الهائل من التجمعات العشوائية، والحفر الجائر للآبار في حوض بردى، وباقي الأحواض الصغيرة في الأعوج، وينابيع المنطقة الجنوبية، وذهبت المياه الجوفية في سبيل سقاية مزارع وبساتين لا تطعم أحداً.

أوليس من الجور لسنوات طويلة قذف بقايا الدباغات وطمي معامل الرخام، وسيول الصرف الصحي على وجه بردى الناصع، وترك الغوطة العطشى للمياه السوداء تنتج الأمراض والأوبئة، أولم تساهم المشاريع التي يديرها المتعهدون الفاسدون وشركاؤهم في صناعة شبكات خارج الخدمة للمياه المالحة والصالحة للشرب.

أولم تتدهور بيئتنا الجميلة بسبب كل هذه الأفعال والمشاريع الجديدة، وبالتالي ما الذي ستصنعه ندوات الاقتصاد الأخضر لإنقاذ ما فعلته أيدي المفكرين الجدد في زمن السوق المفتوحة.

ترى وزارة البيئة الحل في: (وضع وتطوير البرامج والخطط والسياسات من حيث الإدارة المتكاملة لاستعمالات الأراضي، وتبني الإدارة المتكاملة للمصادر المائية، وتطوير وتحديث التشريعات البيئية والتوعية بأهمية تطبيق السياسات والتقنيات الصديقة للبيئة، وتضمين الاستثمارات الخضراء في الميزانية النظامية، وإيجاد آليات تمويل خاصة وعامة، ودعم استخدام أساليب رفع كفاءة الطاقة والطاقات المتجددة، واستخدام آليات التنمية النظيفة)...أوليست هذه اللغة نفسها التي لم تقدم لنا شيئاً حتى تاريخه.. ولن تفعل ذلك أبداً لضيق الأفق وانتهاء الوقت؟!

أوليست هذه اللغة نفسها التي مُرّرتْ بها الخطة الخمسية العاشرة، وينظّر لأختها الحادية عشرة.. الاقتصاد الأخضر هل سيكون خارج تلك الخارطة؟.