صلاح الدين محمد.. «مهندس عمارة اللوحة الفنية»

صلاح الدين محمد.. «مهندس عمارة اللوحة الفنية»

غيّب الموت الناقد التشكيلي السوري صلاح الدين محمد (1949- 2016) في دمشق، بعد صراعٍ طويل مع المرض، وكان الراحل أحد أهم الذين عملوا في حقل النقد التشكيلي، أسهم في أثرائه وتعميق مضامينه، واكب الفنون التشكيلية وأضاء فيها وأضاف عليها من موقع الباحث المتمكن، ومن خلال كتاباته النقدية وأبحاثه الفنية والآثارية المعمارية.

ولد الراحل في قرية قوجمان التابعة لمدينة عفرين عام وحصل على بكالوريوس في الهندسة المعمارية عام 1974 وبدأ يكتب في الصحافة منذ عام 1970 بالعربية والإنكليزية. اختير عضواً في هيئة تحرير مجلة الفن العربي الصادرة عن الاتحاد العام للفنانين التشكيليين العرب عام 1981 والهيئة الاستشارية لمجلة فن الصادرة في لندن عام 1987 كما اختارته مجلة فنون السورية نجماً إعلامياً لعام 1993 بعد استفتاء أجرته المجلة.

قدم نصوصاً نقدية أضاءت وأضافت للتجربة التشكيلية السورية، التي شهدت نهوضاً وتطوراً منذ نهاية الستينيات، كما أعد الراحل أفلاماً عن الفنانين التشكيليين السوريين وصلت إلى 100 فيلم تلفزيوني، وقدم كتاباً عن الفنان الراحل لؤي كيالي الذي قال فيه الفنان الراحل فاتح المدرس يوماً: «استطاع المهندس والفنان التشكيلي والناقد صلاح الدين محمد خلال أبحاثه الطويلة في دراسة الحركة التشكيلية في سورية أن ينصف على سبيل المثال لؤي كيالي إذ حلل أعماله تحليلاً هندسياً علمياً، من هذه الحقيقة نعرف مدى صعوبة وجود ناقد يعرف هندسة عمارة اللوحة الفنية». 

ووصف الأديب ممدوح عدوان تجربته قائلاً: «إننا لم نعرف صلاح الدين محمد في مقالاته في الصحف عن الفن التشكيلي إلا مجدداً وملماً بموضوعية مما ميزه منذ مقالاته الأولى عن كثير من الكتاب الذين يتابعون الفن التشكيلي نقداً ومراجعة بل قدمه إلى الصف الأول بين النقاد العرب».

استطاع الفنان، من خلال دراسته للهندسة المعمارية، وثقافته الموسيقية، أن يوثق المرحلة التي سبقته، معتمداً على معرفة عميقة بتاريخ الفن والحضارة التي تناولها من خلال الكتابة النقدية في الصحف أو البرامج التلفزيونية المتخصصة، إذ أنجز عشرات الأفلام الوثائقية عن تاريخ الفنون العربية وتطورها ومساهمتها في بناء الحضارة الإسلامية. كما اشتغل على تاريخ العمارة في الشرق وتأثيرها على أفكار المعماريين في الغرب واستطاع عبر حضوره الدؤوب أن يتصدر ساحة النقد ويكرس تجربته وشهادته عن عصر تشكيلي اشتغل على تفاصيله، وحاول رسم طريق جديد لفهم مهمات النقد التشكيلي وتطويره.

منح عدة جوائز منها، ميدالية ذهبية وشهادة تقدير عن مشاركته في الندوة الدولية عن فن الغرافيك في القاهرة عام 1993، وميدالية ذهبية وشهادة تقدير عن مشاركته في الندوة الدولية عن فن ما بعد الحداثة في القاهرة عام 1994، والدرع الذهبي عن مشاركته في الندوة العالمية عن الحضارة العربية في الكويت عام 1996، والجائزة الفضية للبرامج الثقافية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون في القاهرة، عن فيلمه «الحضارة الإسلامية في سورية» (1996)، وشهادة تقدير من نقابة الفنون الجميلة عن مساهمته في إبراز دور الفن التشكيلي في الحياة الثقافية. بالإضافة إلى كتابه عن «لؤي كيالي»، أنجز كتباً أخرى عن تجربة «عز الدين شموط»، و«طريق الحرير»، و«الشام الجديدة».