تل ليلان
يقع تل ليلان في جنوبي شرقي مدينة القامشلي، يبعد عنها 25 كم في منطقة مثلث الخابور، وقد تحدث عنه الرحالة هرمز رسام 1878م. بدأ التنقيب الأثري المنهجي فيه عام 1978م والذي نفذته بعثة أثرية من جامعة ييل الأمريكية برئاسة البروفسور «هارفي ويزمان»، ولعدة مواسم في مناطق متعددة من التل، ودلت الدراسات أن تاريخ التل يعود إلى منتصف الألف السادس قبل الميلاد واستمر حتى نهاية 1800ق.م، وأظهر التنقيب سور المدينة ومنشآت معمارية كالمعبد والقصر ورقماً طينية وأختاماً أسطوانية وأثاراً افخارية مختلفة كل ذلك جعل ليلان من أشهر التلال الأثرية.
وشكل تل ليلان في بداية الألف الثاني قبل الميلاد أحد الطرق التجارية الهامة إلى كبادوكيا بين آشور وإمارات الأناضول.
وقد عثرت البعثة داخل أقدم السويات الأثرية في الموقع على مجموعة فخاريات تعود إلى فترة حلف وفخاريات ملونة مصنوعة باليد وغير مشوية، تعود إلى فترة الحضارة العبيدية، ومجموعة من الأواني الناقوسية العائدة إلى فترة أوروك.
مساحة الموقع بلغت 15 هكتارا خلال النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد واكتسب أهمية خاصة خلال تلك الفترة.
كما تم الكشف عن منشأة سكنية هامة تألفت من شارع وبيوت تعود إلى فترة نينوى عثر بداخلها على فخاريات وكؤوس صفراء محززة ذات إطارات بسيطة وقواعد لتماثيل ملونة جميلة للزينة، وأوعية للطبخ بانحناءات أفقية وهلالية تحت الإطار مسطحة ومزخرفة، هذا ويذكر أن تل ليلان شهد منذ أواسط الألف الثالث قبل الميلاد ازديادا مفاجئا في حجم الاستيطان، وتطورا حضاريا تمثل في إقامة نظام دفاعي وإنشاء سور للمدينة واتساع المناطق السكنية وتحول الموقع من قرية صغيرة إلى مدينة بلغت مساحتها 90 هكتارا حيث تطور تنظيمها السياسي والاقتصادي لتصبح من المراكز الإستراتيجية في منطقة الخابور.
كما دل التنقيب أن المعبد المكتشف في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة المرتفعة تميز بواجهاته وأعمدة ملتوية ومزخرفة بخطوط حلزونية وجذوع النخيل في الطرف الشمالي واحتوائه على قاعة مركزية تحيط بها الغرف من الجانبين الشرقي والغربي و أنه تم العثور داخل المعبد على أوان فخارية ورقم مسمارية وطبعات أختام اسطوانية الشكل كتب عليها بالمسمارية.
وتعود أهمية القصر المكتشف في المدينة المنخفضة والذي عثر بداخله على أرشيف ضم حوالي 650 رقيماً مسمارياً باللهجة البابلية القديمة، وأن الأرشيف تضمن نصوصا إدارية واقتصادية ورسائل سياسية ومعاهدات ألقت الضوء على التطورات التي حدثت في منطقة الخابور بعد سقوط مدينة ماري، وقدمت معلومات هامة عن الفترة الأخيرة من تل ليلان.
ويتألف التل من عدة أقسام وهي التل الكبير، تل الحمامة، والسور الذي يحمي التل من المياه الغزيرة، وبمواجهة الطريق العام الرئيسي للتل شوهد باب حلزوني مؤلف من عامودي مصنوعين من الطين لكنه الآن قد أندثر بمرور الزمن، وأنه عثر على تواريخ وكتاتيب طينية كثيرة في الجهة الشمالية الشرقية من التل، أما في الجهة الشمالية الغربية منه عثر على خرز وبعض الإكسسوارات أمام هيكل عظمي لفتاة يتوقع أنها تعود إلى 700 سنة ق.م، أما في الجهة الغربية من التل فقد تم العثور على أربعة أفران وحمام يتوقع أنه للملك «شمشي أدد» الذي أسس الإمبراطورية في القرن التاسع عشر ق.م في المنطقة.
ويذكر أيضاً أن دراسة النصوص المكتشفة في ماري وتل براك وتل ليلان تشير إلى أن تل ليلان هو مدينة «شوبات إنليل» مقر الإله «إنليل» وعاصمة الدولة الآشورية القديمة، وأن هذه التسمية أطلقت على المدينة في عهد شمشي أدد الأول، أما اسمها القديم فهو شخنا وكانت عاصمة بلاد أبوم في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، وعاد الاسم إليها من جديد بعد وفاة شمشي ادد الأول عام 1776 قبل الميلاد، وقد دمرت المدينة أخيرا على يد سمسو ايلونا ملك بابل عام 1728 ق.م.