الطاهر بن جلون: سنشهد الكثير من الإبداع نتيجة الثورات العربية
تحدّث الروائي المغربي الطاهر بن جلون عن الربيع العربي، مؤكداً أن الثورات العربية أظهرت مفهوم الفرد. ووصف في حوار مع مجلة «ديرشبيغل» الألمانية مدى قلقه عما يمكن أن يحدث في مرحلة ما بعد انتصار الثورات العربية، وفي ما يلي نص الحوار:
شبيغل: هل تشعر بالقلق مما سيحدث بعد نشوة نصر الثورات العربية؟
جلون: نعم فقد تعرضت هذه الدول العربية للإساءة من جانب الدكتاتوريات الحاكمة فيها. والآن فإنها بحاجة إلى إصلاحات كبيرة تستغرق زمناً طويلاً، لكن المواطنين غير صبورين ونحن نتفهم قلة صبرهم.
شبيغل: ما التحديات الأخرى التي تتوقع ظهورها؟
جلون: حتى الآن فإن المنطقة تعترف بالقبيلة أو الجماعة العرقية، وأما الفرد فإنه مغمور. وفي ليبيا استغل (الزعيم المخلوع) معمر القذافي الصراع بين الجماعات العرقية وجعل القبائل تتناحر بين بعضها البعض. ولكن الثورات العربية قامت عن طريق أفراد، وبالتالي فإن مفهوم الفرد ظهر إبان الثورة.
شبيغل: ما الذي ينبغي تغييره على الصعيد السياسي؟
جلون: تعتبر مسألة تغيير ذهنية الشعب العربي تحدٍ كبير. وتحتاج هذه الدول إلى محاربة الفساد، فقد اعتاد هذا الشعب على العيش مع الفساد، ومن الصعب تغيير هذه الثقافة خلال ليلة أو ضحاها.
شبيغل: كيف سيكون تأثير الثورة في المشهد الأدبي؟
جلون: أعتقد أنه سيكون هناك ازدهار أدبي، لأن الناس أصبحوا يشعرون بالحرية الآن، ما يعني أننا سنشهد الكثير من الإبداع في شتى المجالات.
شبيغل: كيف كان وضع الكتابة خلال فترة الدكتاتورية؟
جلون: كان هناك كثير من الرقابة، بيد أنه كانت هناك رقابة ذاتية قوية جداً. وحتى الذين كانوا يعيشون في المهجر فإنهم كانوا يشعرون بالحذر الشديد. ولكن بعد الثورة عاد عدد كبير من الكتاب إلى بلادهم، ففي مصر مثلاً لم يقتصر النفي على المشتغلين في المجال الثقافي وإنما في المجال الاقتصادي أيضا، إذ عاد الكثير من رجال الأعمال إلى بلادهم الأصلية، لأنهم يرون فرصاً أفضل هناك.
شبيغل: تحدثت عن الدور الذي لا يغتفر للسياسيين الأوروبيين في علاقتهم مع الأنظمة الدكتاتورية، هل تشعر بالغضب من هذه العلاقة؟
جلون: لا، أنا لست مندهشاً من هذا السلوك الأوروبي، فهذا ديدن هؤلاء الأوروبيين، فهم يضعون المصالح الاقتصادية والطاقة دائماً قبل المبادئ.
شبيغل: هل تحب عبارة «الربيع العربي» التي ابتكرها الإعلام؟
جلون: أحب عبارة الربيع العربي كما كانت في البداية، عندما كان الإعلام الدولي يقصد بها أمراً إيجابياً عن الدول العربية. ولكن من الناحية الأخرى، فإن كلمة ثورة أسيء فهمها من قبل الإعلام.
شبيغل: في كتابك «الربيع العربي»، كتبت من وجهة نظر القذافي، هل كان ذلك صعباً؟
جلون: على العكس، فانا أحب الولوج إلى أذهان الناس، حتى لو سبب لي ذلك بعض الصداع. وأنا أحب هذه العملية، إذ أنني اكتشف بها أموراً استثنائية، وأشعر بأني كممثل، إذ يشعر المرء أنه يمكنه أن يلعب دور شخص آخر.