هلأ لوين؟» إحدى نسائم الربيع العربي في لبنان»
في ظل الثورات الشعبية العربية التي تمر بها المنطقة، يبدو أن مشاهد الحرب الأهلية اللبنانية، بما حملته من آلام وندوب ظاهرة إلى اليوم، لا زالت تستهوي مشاهدي السينما في بلادنا العربية، وهو ما يفسر –بشكل أو بآخر- الإقبال الكبير الذي تشهده دور السينما التي بدأت بعرض فيلم «هلأ لوين؟» للمخرجة اللبنانية المميزة نادين لبكي، حيث حقق الفيلم رقماً قياسياً في عدد المشاهدين، إذ تابعه خلال الأيام الأربعة الأولى لعرضه أكثر من 21 ألف مشاهد، بحسب ما أفادت الشركة الموزعة في لبنان.
الفيلم الذي حاول الوقوف في وجه قتل عبثي لم يعرف نهاية بعد، خاض عميقاً في تفاصيل الصراع الطائفي اللبناني الذي يستفيق بين الفينة والأخرى مودياً بحياة الأبرياء العزل، وموشحاً الأمهات والزوجات والأخوات بالسواد.
الفيلم الذي حاز على جائزة الجمهور في مهرجان «تورونتو» الدولي، وهي أعلى جائزة في المهرجان، يروي عزم مجموعة من النساء على حماية بلدتهن من تهديدات الحرب الأهلية وتداعياتها، ويتناول قصة صديقات من قرية لبنانية واحدة، يتجاور فيها المسجد مع الكنيسة، يحاولن بكل الوسائل منع تجدد الحرب في قريتهن، وتسعى الصديقات بطرق مبتكرة إلى إبعاد الانقسامات الدينية عن القرية، لكي يدفن أهلها خلافاتهم الطائفية ولا يحمل السلاح مجدداً بعضهم ضد بعض.
لبكي التي اختارت الجرأة اللفظية أسلوباً في حوارات الأهالي، لم تعتمد الجرأة ذاتها حين تطرقت إلى الاقتتال الطائفي، وآثرت رد أسباب العنف بين الفريقين إلى مصادفات خارجة عن إرادتهما معاً. وقد استطاعت المخرجة من خلال فيلمها الأخير رفع شعار «قبول الآخر» بأسلوب جمع بين التراجيديا والكوميديا، بين السينما الاستعراضيّة والواقعيّة الجديدة، وببطولة مطلقة لتلك القرية المتخيلة، والمختلطة دينيّاً، هذه القرية التي تحاول بشتى الوسائل الهروب من شبح الحرب الأهلية، الذي لازال يتهدد اللبنانيين جميعاً بطريقة أو بأخرى وبسبب استمرار نظام المحاصصة الطائفية المقيت الذي يحكم لبنان، ويتحكم بالعباد والبلاد حتى اليوم، ويبدو أن الفيلم ما هو إلا نسمة من نسائم الربيع العربي الذي بدأ بطريقة أو بأخرى يطرق الأبواب بشدة في منطقة شرق المتوسط.