«إعادة تدوير» رحى الحرب

«إعادة تدوير» رحى الحرب

قدم المسرح القومي عرض مسرحية «إعادة تدوير» على خشبة مسرح القباني  وهو من تأليف وتمثيل: أسامة جنيد، سينوغرافيا وإخراج: سامي نوفل مساعد مخرج رامي سمان وتصميم إضاءة ريم محمد وتنفيذ فني للديكور ريم عبد النور. كان هناك الكثير مما لامس الجمهور فالشخصيات التي كانت رموز للفساد ورأس المال هي من أصبحوا أمراء الحرب، فلا يوجد حالة اغتراب إذ تطرح الأمور بكل بساطة كما هي.

في حوار مع مخرج العمل الفنان سامي نوفل:

برز المعنى السياسي ولامس الناس بتفاصيل حياتهم وجذر المشكلة وانعكاساتها على أرض الواقع هل من الممكن أن تتكلم عن رؤيتك؟

في البداية المادة التي كتبها الأستاذ أسامة جميلة وأستطيع أن أقول عنها أنها من النوع السهل الممتنع وإن أردنا الذهاب بها لطرحها بقالب جامد كالحكواتي وميلودراما فستتحول إلى تنظير على الخشبة، فكان الخيار بتكسير قالب المونودراما واعتماد قالب المنولوجيست بشقه المسرحي. فهو منجز بعد ورشة تم تهشيم النص واللعب على الفتحة التي هي ملبن الباب إلى القفلة التي هي الباب الخلفي وهو الشرق الأوسط الجديد، حيث يكتفي راوي الحتوتة برغبة منه بنقلها إلى مكان آخر قبل أن يأتي من هم سبب الحالة الفصامية بعد اعتقاله وذهب ليروي الحتوتة في مكان آخر بعد رحيل سعدي بعد نهاية العرض.

أين ممثلو الأنماط؟

سعدي شخصية وكراكتر على قدر ما يحمله من تفاصيل اجتماعية وتفاصيل واقعية إلى أنه أيضاً ممكن أن يكون طيف فنتازيا يأتي ليقص هذه الحتوتة ويذهب. 

وانهارت المدينة

دخل سعدي مع الجمهور من نفس الملبن وحكى الحكاية وعاد أثناء العرض ولم يدخل منه وذلك لأن الحكاية بدأت، فهو فقط يلعب مع الملبن الفارغ دليلاً على الرحيل وأصبح هنالك خواء وانهارت المدينة في النهاية ولكل هذا علاقة بالحالة البصرية التي يراها المتلقي ليتساءل عما يحدث على الشاشة، لماذا الشاشة؟ الشاشة هي تجلٍ لعالمه الداخلي أو وجهات نظر سعدي الفصامية، أنت ترى الشاشة ولا تتوقع أن تفتح الستار وهي هنا الحكاية. في النهاية أريد أن أقوم بهذه الصدمة لأفتح على شرق أوسط محروق لأني هكذا أرى القادم. فتح أسامة بنصه المنودراما على فضاء مليء بالنفايات ولا أظن أني ابتعدت كثيراً فأنا فتحت على فضاء أبرد وحتى النفايات هي عبارة عن أرض محروقة والجميع يبحث عن الكنز في هذه الأرض ونحن من سندفع الثمن.

لديك إخوة في هذه المصيبة في العالم ومسبب أساسي، وربما الإشارة المباشرة للولايات المتحدة في المسرحية لا يجرؤ عليها من يستجدون التمويل من الخارج.

هناك العديد من الناس الانتهازيين في الوسط الثقافي، وهذه الحتوتة التي أنجزناها هي ما استطعنا ان نخرج فيه بالتجربة رغم كل الظروف التي أتحفظ فيها عن أي كلمة كيف خرجت هذه التجربة والشروط التي وضعت.

النص محلي ويعالج قضايا راهنة بطريقة شاملة ويقدمه محترفون، لماذا قدم باسم نادي مسرح قومي؟

بالنهاية أي عمل هو جهد جماعي، لا أستطيع العمل بدون شادي أو بدون جمال. كل شيء كان مضبوط، برافو أسامة وأنا أنحني أمام جهده، وهذا هو فضائي كمخرج ولعبتي الأخرى هي اللعب على سيكولوجيا المتلقي وكيف أستطيع أن آسره لمدة 40 أو 45 دقيقة.

وفي حديث مع كاتب النص والممثل الوحيد في المسرحية الفنان أسامة جنيد:

اسمح لي أن أقول النص مهم لأنه قام بإحاطة كاملة بكل التفاصيل الممكنة.

عندما تريدين التحدث عن واقع تعيشيه وتريدين التكلم عليه بشكل صحيح يجب الخروج منه والنظر إليه من الأعلى وترى الشرق الأوسط كله بكل مخلفاته وآلامه.

ندفع الثمن، أولادنا وأحباؤنا يموتون، والبلد تحترق لأننا كنا خجولين، أرى أن الواقع ينقل بقسوته، هناك أشخاص يجلسون في المنزل وينتظرون أن يأتي المنقذ ليخلصهم أو يركبون في «البلم» يبحثون عن وطن بديل، ولهم وطن لا يريدون الدفاع عنه، أرى بإعادة التدوير حتوتة الإنسان الذي اختفى قبل الأحداث في سورية وعاد فصدم ودخل تحت وطأة الصدمة.

في المشهد الذي دخلت في العتمة، وشعرت أنك عائد في التاريخ، لامست شعور الناس أنك تعود بالماضي.

عندما كتبت هذه المادة كانت فرضية بسيطة جداً ما دفعني إلى أقوم بها هكذا ببساطة هو كتاب سياسي لكاتبة اسمها «نعومي كلاين» هو «عقيدة الصدمة» وكيف جعلوا من الناس فئران تجارب، ذهلت بالصدمة والشعب السوري يعيش حالياً 80% منه تحت وطأة الصدمة. هذا ما حرضني لكتابة النص وانطلقت من شخصية بسيطة وهي أستاذ تاريخ لأحمله كل هذا التاريخ وأعيد تدوير التاريخ بصيغة مختلفة.

عملنا لنتواصل مع الناس على المستوى النفسي واستطعنا إضحاكهم وكسبنا تعاطفهم لنمهد للأرضية ونسقط المعلومة. وكسعدي لم أشعر بأني غريب عن الناس. 

آخر تعديل على الأحد, 06 كانون1/ديسمبر 2015 03:23