زهرة الياسمين تتحدى الحرب

زهرة الياسمين تتحدى الحرب

اختتم في يوم الثلاثاء الماضي عرض مسرحية زهرة الياسمين المخصصة للأطفال على مسرح القباني بدمشق. وقد اجمعت ردود الأفعال على نجاح المسرحية، لا بل علق الكثيرون بأنها أنجح مسرحية في هذا الموسم المسرحي من الأجناس المسرحية كافة، حيث أبدع الفنانون في الأداء وفي الموسيقى والديكور والملابس والإضاءة.

دار الكثير من الكلام في الأوساط المسرحية حول معوقات وضعت في وجه العرض، وتهامس البعض بملفات للفساد، لكن المؤكد أن صعوبات جمة وقفت أمام كادر العمل الفني والتقني أثناء التحضيرات وخلال تقديم العرض، منها انقطاع الكهرباء، رغم التنسيق مع مديرية الكهرباء بكتب رسمية، وانعدام التهوية في صالة المسرح، والتأخير في تركيب خشب الديكور وغيره.

حوار: طوني حصني

كان لقاسيون لقاء مع مخرج مسرحية زهرة الياسمين الفنان وليد الدبس:

هل ترون مشروع مسرح الطفل كمشروع مستقل؟

هو ليس مشروعاً مستقلاً، بل في سياق العملية الفنية، لو كان مشروعاً مستقلاً لكان له ميزانية مستقلة، تحكم المسرح القومي ميزانية محدودة خمس أو عشر أعمال سنوياً ليس أكثر من ذلك، وبأجور زهيدة، سواء للمؤلف أو للمخرج أو الفنيين أو الممثلين، نحن نتمنى أن يكون مسرحاً مستقلاً، بميزانية مستقلة.

يجري الحديث عن أنه لا يوجد مسرح طفل في سورية وإنما لدينا تجارب في مسرح الطفل فهي ليست عملية ممنهجة؟

إذا تحققت متطلبات مسرح الطفل في المسرح القومي سيكون هذا كفيلاً، إن من يعمل في مسرح الطفل لمدة خمس وعشرين سنة يكون قد اكتسب الوسائل المتألقة والخلاقة التي نريدها أن تصل إلى الطفل، ونحن بحاجة لأشخاص مختصين بعلم النفس في مسرح الطفل، بالطبع.

عادةً ينظر إلى مسرح الطفل أو أي شيء يقدم للأطفال، من الفنانين بالعموم نظرة دونية، وآخرين يتهربون منه، ما هو السبب برأيك؟

أول تجربة لي كانت مسرحية الريشة البيضاء في عام 2001، كان عملاً مهماً من حيث النص والإخراج والعناصر المسرحية ككل بتألق وجمالية ولغة بسيطة، مسرح الطفل هو أصعب الأنواع الموجودة في المسرح، الطفل يمتلك ثقافة خيال فطرية يجب مجاراتها، عندما نريد تقديم عمل مسرحي يفتقر إلى أدنى درجات التقنية فنحن نضطر لتفعيل الخيال أكثر لتجاوز الصعاب التقنية والتوصل إلى صيغة بصرية جميلة.

بين الخيال والواقع، أخذت في مسرحيتك بعين الاعتبار واقع الحرب، كيف استطعت الوصول إلى هذه المعالجة؟

الطفل يشعر بما يحيط بنا بالطبع، ويعرف تماماً أننا نعيش أزمة وحالة حرب، كيف يمكن أن نوصل هذه الحالة إلى الطفل بشكل جميل جداً بحيث لا نؤذي مشاعره وطموحاته وحسه وبصيرته، كنا حريصين كثيراً ألا نخدش مشاعر الطفل 

قمتم بجهد كبير وتخصصي بالوقت هل هذا ناتج عن هاجس أو هواية، وعن رغبة بهذا المشروع، ما هي الأسباب التي تقف وراء ألا يتلقى هذا المجال الاهتمام الكافي؟

عندما كان وزير الثقافة السيد رياض عصمت عقد اجتماعاً مخصصاً لمسرح الطفل، وكيف يمكن النهوض به؟، وكان الاجتماع إيجابياً والوعود جميلة جداً ولكن للأسف لم يتحقق منها شيء على الإطلاق، وبقينا في مكاننا.

لماذا لم يجر حل المشكلة بشكل فعلي؟

يجب أن يقوموا بجهود حثيثة لمسرح الطفل، ولكن لا يوجد نية خلاقة للنهوض به، علينا أن نجعل الطفل متلقياً من الطراز الأول، وبالتالي إنساناً فعالاً مثقفاً ينهض بمستقبل بلده.

استمعنا إلى شكاوى من الحضور أنه لم يكن هناك تكييف في الوقت الذي صادف وجود موجة الحر الشديدة.

رغم موجة الحر، فالجمهور كان كبيراً، رغم عدم وجود تكييف في مسرح القباني، هل يعقل ألا يعلموا في المديرية أو الوزارة أن التكييف معطل في مسرح القباني ؟!

ماذا عن أجور الفنانين؟

أجور الفنانين في المسرح القومي بسيطة لا تناسب الجهد الكبير الذي يقوم به الممثل أو المخرج، فنحن عملنا لمدة شهر ونصف، بدون كهرباء وتهوية، فكان الممثلون يتعرقون بشدة بالإضافة إلى أن البروفات تمت بدون موسيقا أو إضاءة، واستمرت هذه الحالة حتى آخر يومين، وكانت كمية العمل المتراكمة كبيرة (رقصات وموسيقا وإضاءة)، رغم أنه يوجد مولدة كهربائية في المسرح وتكفي ربما لنصف حي من أحياء دمشق، ولكنها لا تستخدم دون أن أعرف السبب أيضاً، على الرغم من أن المسرح ممتلئ.

ماذا عن التكاليف الفنية والديكور؟

ميزانية هذا العمل لا تكفي لإنتاج نصف أو ربع عمل مسرحي بكل صراحة، قمنا بجهود شخصية فمصمم الديكور الفنان محمد قزق أحضر بعض الأمور على حسابه حتى نكمل، بصراحة أخجل أن أقول ما هي ميزانية هذا العمل، ولكن النتائج عالية المهنية وإذا أردنا قياسها بميزانية هذا العمل فالنتيجة كبيرة.

رغم الأجور القليلة التي لا تتناسب الجهد المبذول لا زلتم مصرون أن تقدموا مسرحاً للطفل؟ 

بالطبع الأجور غير مناسبة قولاً واحداً! المكافآت التي سيحصل عليها الممثلون لن تغطي أجور السندويش الذي أكلوه والمواصلات، ومع ذلك كنا نريد أن نقوم بهذا العمل، أنا لم أعمل في المسرح منذ أربع سنوات، لكنني أردت ان أقوم بعمل للأطفال الذين يعيشون ظروف الحرب، فنحن من منطق إنساني وأخلاقي قررنا أن نقدم عملاً لهؤلاء الأطفال، وعلى الرغم من كل هذا الجهد لم يكن هناك إعلان ولا يوجد وسيلة إعلانية روجت للعمل.

مسؤولية مَن هذه؟

أوجه السؤال لوزارة الثقافة لأنني لا أعرف من المسؤول بصراحة.

هل تريد أن تقول للقراء شيئاً من موقعك كمسرحي؟

نحن لن نتوقف وسنظل مستمرين بإنتاج الأعمال المسرحية، وسنجلب النصوص ونكتب، ونخرج ونؤلف، من هو موجود في المناصب سيذهب في نهاية المطاف لكن المسرح سيظل باقياً، ونحن هنا من أجل بقاء المسرح وتألقه، تحملنا مسؤولية كبيرة، لذا سنكمل الطريق ونحترم عملنا ونكون مخلصين له، هناك زملاء كثر من المبدعين تركوا البلد، نحن استطعنا البقاء ولن نغادر البلد ولا يمكن أن نتلكأ في عملنا، مستمرون، لا أحد يستطيع أن يكسرنا أو يهزمنا وسننتصر بعملنا الفني لا بالكذب والخداع والسرقة 

مسرحية زهرة الياسمين

تأليف وإخراج: وليد الدبس

الممثلون: أسامة تيناوي، ديالا داؤود، زيد الظريف، روجينا رحمون، آلاء مصري زادة، زهير البقاعي، أسامة جنيد، داوود شامي

الفنيون: مساعد المخرج: محمد المودي، تصميم الديكور: محمد وحيد قزق، تصميم الأزياء: زينة حماتي، موسيقا وألحان: أيمن زرقان، تصميم وتدريب الرقص: سامر الزيات، تصميم الإضاءة: بسام حميدي، تصميم الإعلان: زهير العربي، مكياج: إيمان عمر، تنفيذ الديكور: د. عروب المصري _يارا سعيد، تنفيذ الصوت: راكان عضيمي، تنفيذ الإضاءة: شادي ريا، مدير المنصة: هيثم مهاوش، مسؤول اكسسوار: علي النوري، مسؤول الملابس حسين إبراهيم