عبد الباسط داري: الأغنية.. مرآة الوجع الكردي

عبد الباسط داري: الأغنية.. مرآة الوجع الكردي

أجرت قاسيون لقاءاً مع الفنان عبد الباسط داري، تحدث فيه عن تجربته الفنية الغنائية بشكل عام، وعن الأغنية الكردية بالحسكة بشكل خاص.

يؤكد في بداية حديثه أنه عاش طفولة مميزة في مدينة الحسكة، واحتك بناسها البسطاء والطيبين، وأحبهم، لأنهم يتذوقون الفن ويعرفون قيمته. وعن هذه المرحلة يقول: «كان لدي إحساس قوي لمعرفة مشاعر الناس وأحاسيسهم، وكنت متيقناً من أن دخولي لقلوبهم مرهون بمعرفة آلامهم وأوجاعهم وهمومهم، وقدرتي في التعبير عنها بالغناء، وساعدني على ذلك نبرة الحزن في صوتي، غنيت عن مأساة شعبي فأحبني الناس وحظيت باحترامهم».

وفي سياق حديثه عن أعماله الغنائية، وبمن تأثر من الفنانين الكرد، قال: 

لدي العديد من الألبومات الغنائية، ولكن سابقاً لم يكن هناك شركات تسجيل، لذلك ضاع جزء من أعمالي، يوجد منها اليوم فقط ستة ألبومات، بالإضافة إلى أرشيف كبير من الأغاني في السهرات الشعبية التي سجلتها في أوقات سابقة ونشرت بعضاً منها، مع بعض الكليبات الموجودة في الأسواق.

تأثرت بشدة بالفنان الشهيد أيار يوسف وأردوان زاخولي وتحسين طه وآخرين، وأعجبت بأعمالهم كثيراً، وكلمات الأغاني لشعراء مهمين مثل: يوسف برازي وسيداي تيريج وأيضاً مخيبر بدران، ملحن معظم الأغاني التي قمت بغنائها، وكان يكتب الشعر باللغة الكردية، وكتب أجمل القصائد الغنائية في الحب، وقد أثر في تكويني بشكل كبير.

وتحدث عن تجربة الأغنية الشعبية في مدينة الحسكة قائلاً:

الأغاني الشعبية كانت وما زالت لها وقعها، وتأثيرها الكبير في الحفاظ على الهوية، حيث برز عمالقة بمقاييس عصرهم في الفن الكلاسيكي الشعبي، وقدموا أغان صادقة وجميلة.. وبقيت بزخمها، حيث كانت تقدم في السهرات الشعبية والأعراس في أحياء المدن الصغيرة والقرى، وكان الحضور يتفاعل معها، كونها تمس عالمهم الروحي، وتقارب تجربتهم الحياتية... 

أما عن تجربتي في مدينة الحسكة فكانت مع أحد أهم كتابها وشعرائها، الذي جمع ودقق في 4000 أغنية شعبية، وهو الشاعر صالح حيدو، أقمنا معاً حفلات ومهرجانات في جميع أنحاء سورية، وكان صالح حيدو مختصاً بجمع الأغاني الشعبية والفولكلورية الكردية.

الغناء الشعبي هو ملك لكل الناس، فهو نابع منهم، وأغلب الفنانين بدأوا تجربتهم من خلاله، وبعدها ذهبوا لاختيار لونهم الخاص. ويستطرد قائلاً: الأغنية الكردية المعاصرة لها دور اجتماعي، وأحياناً سياسي، بسبب تأثيرها في المجتمع الكردي، الذي يملك ذائقة فنية وتربطه علاقة وثيقة وقوية مع مختلف أنواع الفنون، وخاصة الرقص والغناء. 

المجتمع السوري والكردي من المجتمعات المتماسكة، وهي مجتمعات شرقية، تربط الناس علاقات متعددة الأشكال، هذا النسيج الاجتماعي بتنوعه الثقافي أنتج آلاف الأغاني، التي تعكس أفراح الناس وأحزانهم، فالشعب هو مصدر كل فن. 

أما عن مستقبل الأغنية الكردية؟ 

أعتقد أن مستقبل الأغنية الكردية مهدد اليوم، فالكثير من الفنانين المعاصرين، لا يعرفون الكثير عن التراث الفني الجميل الذي بدأه الكبار، وكثير من الأغاني التي نسمعها اليوم هابطة من حيث الألحان والكلمات. ولا أظن أن هناك مستقبلاً لهذا «النوع» من الفن. 

ما تأثير الحرب الثقافية الإعلامية على الفولكلور الكردي والأغنية الكردية؟

لا يوجد إعلام نظيف ومحايد يرشد الناس إلى الفن الأصيل والأدب الحقيقي،  البعض يحاول سلب ونهب روائع الأغنية الكردية، مثل غيرها من أغاني الشعوب، تقوم بذلك القوى التي تتحكم بكل شيء، خاصة الفضائيات الحديثة والمافيات الإعلامية، الذين يقومون بتخريب التراث والثقافة دون وجود رقابة عليهم. يسرقون الكلمات والألحان ويقومون بتشويهها. وللأسف معظم الفضائيات الكردية تساهم بذلك وفي ظروف الحرب اليوم هجر بعض أصحاب الفنون أعمالهم بسبب هذا الاستغلال. 

وبعيداً عن الفن تطرق الفنان عبد الباسط إلى الكارثة الإنسانية التي تعصف بسورية قائلاً:

كل الدول أمريكا و«إسرائيل» وتركيا والخليج وكثير من الدول العربية  وأوربا، لا تهتم للشعب السوري، ومأساته، يدعون أنهم يساندونه، ولكنهم هم صانعو الإرهاب، والشعب يدفع الثمن، أطفال وشيوخ ونساء أحرقوا ونهبوا وهجّروا من بيوتهم، الناس تريد الدفاع عن نفسها، ويضربون أمثلة في البطولة، ولكنهم الضحية دائماً، الفقراء هم الذين يموتون و بعض السياسيين يلعبون بدم الشعب، ويتاجرون به.. انحني لأولئك الذين سيدافعون عن البلد حتى آخر شخص.

عبد الباسط داري 

مواليد محافظة الحسكة عام 1962، نشأ  في أسرة تهتم بالفن، بدأ الغناء في عمر8 سنوات، وحظي باهتمام أسرته ورعايتها إلى أن قدم أول حفلة له وهو لم يتجاوز 15 من العمر، وغنى بصوته الذي يحمل حزناً وشجناً أحبه الناس، فغنى في الحفلات الخاصة وشارك في الفعاليات الثقافية الكردية، واشتهر بلون خاص في الغناء حظي، باهتمام الناس.

آخر تعديل على الأحد, 02 آب/أغسطس 2015 09:06