«الكتابة.. مقاومة للموت ودفاع عن الحياة»
تمر في 15 أيار ذكرى رحيل الكاتب والمسرحي السوري سعد الله ونوس، أول مسرحي عربي يقوم بكتابة الرسالة الدولية في اليوم العالمي للمسرح عام 1996 التي أعلن فيها مقولته الشهيرة « إننا محكومون بالأمل». تجربتة الإبداعية والمواضيع التي عالجها، تدل على امتلاكه الأدوات المعرفية الضرورية لتحليل الواقع، والظواهر السياسية، والصراعات الدائرة، ليكون مثقفاً فاعلاً ومتكاملاً، مما أكسب إبداعاته زخماً متجدداً.
قدم في أعماله المسرحية نقداً سياسياً اجتماعياً عالي المستوى للواقع. قاتل بالكلمة وعرف كيف يوظفها، ويصهر فيها آلامه وأحلامه، ووجدانه الداخلي، مردداً: «في الكتابة نقاوم الموت، وندافع عن الحياة».
ولد سعد الله ونوس في قرية حصين البحر بمحافظة طرطوس عام 1941 ، وأثناء تعليمه الابتدائي نصحه أستاذه بالمطالعة، بسبب ضعفه في مادة التعبير، فبدأ يقرأ وكان أول كتاب اقتناه في عمر 11 عاماً ( دمعه وابتسامة لجبران ). سافر إلى القاهرة، بعد حصوله على الثانوية، لدراسة الصحافة وحصل على الليسانس وعاد إلى دمشق وعمل في وزارة الثقافة. بدأ اهتمامه بالمسرح خلال دراسته، وكتب مسرحيات قصيرة صدرت عن وزارة الثقافة في سورية عام 1965 ، تحت عنوان «حكايا جوقة التماثيل» ومن أهم هذه المسرحيات القصيرة «ميدوزا تحدق في الحياة » و«فصد الدم»، و«جثة على الرصيف» و«مأساة بائع الدبس الفقير»، و«الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا» و«الجراد».
سافر إلى فرنسا عام 1966 وتعرف على المسرح الغربي في فترة تحولاته الأساسية، واستطاع أن يستوعب أهم الطروحات الجديدة في تلك المرحلة وأن يطوعها في أعماله.
بعد عودته قدم أول عرض مسرحي له «الفيل يا ملك الزمان» و«مأساة بائع الدبس الفقير» في 1969، ثم أسس المسرح التجريبي، ساهم ونوس في إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق ، وعمل مدرساً فيه. كما عمل مديراً للهيئة العامة للمسرح والموسيقى. وأصدر مجلة «الحياة المسرحية» وترأس تحريرها. وكرم في مهرجان القاهرة المسرحي التجريبي، وفي مهرجان قرطاج بتونس، وحاز على جائزة سلطان العويس في مجال المسرح في دورتها الأولى .
بدأت مرحلة معاناته مع المرض عام 1992 كتب خلالها مسرحيات (طقوس الإشارات والتحولات - الأيام المخمورة - هوامش للعرض والإخراج)، إلى أن رحل في 15 أيار 1997.
من أهم مؤلفاته المسرحية إضافة لما سبق ذكره: (حفلة سمر من أجل 5 حزيران، رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة، سهرة مع أبي خليل القباني، مغامرة رأس المملوك جابر، الملك هو الملك، الاغتصاب، منمنمات تاريخية، ملحمة السراب.. الخ) . وقد ترجمت مسرحياته إلى العديد من اللغات الأجنبية، كما نشرت وتم عرضها في كثير من الدول العربية والأوربية.