قدورة لقاسيون: «الفهد موجود في العالم كله»
أجرت قاسيون لقاءاً مع الفنان السوري أديب قدورة لخص فيه بعض رؤاه وأفكاره حول الفن والمجتمع والسياسة واستعرض الفنان الذي يحوي رصيده الفني حوالي 35 فيلماً سينمائياً وأكثر من 60 عملاً تلفزيونياً وعدد كبير من المسرحيات بعض أسباب أزمة السينما السورية وصولاً إلى الأزمة الوطنية السورية
أزمة السينما السورية، هل هي أزمة نص، أزمة إمكانيات، أزمة مؤسسة؟ أم ماذا؟
أول ما ظهرت في المسرح ، في البداية لم أكن أرغب في التمثيل، درست فنون تشكيلية وعملت أولاً في المسرح( مسرح الشعب) في حلب ، وكنت أتابع السينما في البداية كمتفرج، ثم جرى اختياري لبطولة فلم الفهد، فبدأت العمل في السينما.
في السبعينيات كان هناك إنتاج سينمائي جيد، وقد اشتغلت مرة سبع أفلام في عام واحد. ولم يكن حتى في مصر حينها مثل هذا الكم لممثل واحد. وتراجع عدد الأعمال السينمائية في الثمانينيات، حيث كان هناك أزمة اقتصادية في سورية (أزمة دولار) بسبب الحصار الاقتصادي، مما أحدث جموداً في الإنتاج السينمائي وأدى بكثير من المنتجين وأصحاب دور السينما إلى تغيير أعمالهم والذهاب إلى أعمال أخرى تدر أرباحاً كالتجارة، والذين استمروا هم الذين جازفوا برؤوس أموال صغيرة، وكان لديهم حظ جيد لأنه كان يوجد طلب شديد على الفن السوري، فالجمهور في المنطقة العربية يريده ويطلبه وعندما يكون هناك فيلم سوري يركض الناس إلى السينما، وربما كان أحد أسباب التراجع هو محاولة تحجيم للإنتاج السينمائي في المنطقة العربية لأن السينما العربية كانت مقبولة ومطلوبة في السوق العالمي، وصلت لأن تصدر لحوالي 17 دولة. وحتى مؤسسة السينما صار فيها جمود أيضاً ، كان نتيجتها سفر كثير من المخرجين للعمل في الخارج.
جسدت شخصيات ذات طابع بطولي وشعبي، شخصيات لامست حياة كثير من الناس، كيف يجري اختيار الشخصية، وما علاقتك بها من حيث أدائها وتقمصها؟
أحب الشخصيات الإيجابية سواء كانت شعبية أو غير شعبية، شخصيات كسرها الظلم ولكنه لم يستطع قتلها، مثلت (بوعلي شاهين في السينما – عطاف في التلفزيون- جيفارا في المسرح). شخصية البطل الشعبي الذي يدافع عن المظلومين تسكنني وهي قريبة مني، فأنا رجل أكره الظلم أينما كان في العالم كله. ولذلك مثلت شخصيات إنسانية، (الفهد موجود في العالم كله، موجود في أوربا، في الغرب، في الشرق) أحس بأنني معني بتمثيل كل هؤلاء الناس المظلومين، وقد مثلت شخصيات عالمية بكثير من الإحساس الصادق (جيفارا) مثلاً لأنه صاحب قضية إنسانية تهم العالم كله. والجمهور أحب هذه الشخصيات لأنها قريبة منه، ومن معاناته وقضاياه.
كيف يستطيع الفن خدمة الحالة الاجتماعية؟
الفن بمعنى الدراما، سواء كانت ( سينما، تلفزيون، مسرح)، هي مزيج من الفنون يشترك فيها ( الشعر والموسيقا الكلمة والفكر.. الخ)، كلها تتجمع في العمل الدرامي، لذلك الدراما مهمة وخطيرة جداً، مهمة إذا عولجت بشكل صحيح، وخطيرة إذا عولجت بشكل خاطئ، فمثلاً ممكن أن تتحول مسرحية كوميدية إلى «مسخرة» تسيء للذوق العام. وقد أنتجت بعض المسلسلات الكوميدية عندنا، تكاد تشوه الذوق العام والفكر، وأنا شخصياً كممثل أخجل من هذه الأعمال. وما يحدث في المسرح والتلفزيون يحدث أيضاً في السينما، فقد شهدت السينما المصرية مجموعة من الأفلام المصرية الكوميدية السيئة، وصار الأطفال يقلدون حركات إسماعيل ياسين!!
الدراما فن عظيم، ولكنه أحياناً يشوه من قبل البعض ممن تهمه الناحية التجارية أكثر.
حالة التردي في السينما والمسرح والثقافة عموماً وانعكاس الأزمة الوطنية على الفن؟ كيف تقرأ مفرداتها ، وهل يمكن تخطيها؟
الأزمة ليست في سورية وحدها، بل تشمل عدة بلدان ليبيا مصر اليمن...الخ، وما يحدث شيء مؤسف، وحتى في بلدان المنطقة مثل تركيا كردستان.الخ، كل ما يحدث الآن يجري لخدمة الهيمنة والسيطرة الأمريكية. ووراءها «إسرائيل» وأتحدى من يقول عكس ذلك. لأن المطلوب أمريكياً هو نزول دول المنطقة إلى الحضيض، يجب أن لا تهدأ المنطقة وتبقى في حالة صراعات مذهبية وإقليمية وعشائرية وطائفية لكي تبقى الولايات المتحدة ومعها «إسرائيل» مهيمنة، ودولة الاحتلال الصهيوني عندها جيوش أخرى غير الجيوش الحربية( طيران وعسكر..الخ)، تعتمد عليها ربما أكثر من اعتمادها على العسكر، يحركون الأمور من الداخل من أجل تنفيذ مخططاتهم. وتتفق «إسرائيل» مع الغرب وتقاسمه: (أنتم خذوا الثروات ونحن «الإسرائيليون» نحقق السيطرة على الأرض والمجتمع). وهذا الأمر ينطبق على دول أوربا، إذ يوجد أجهزة واستخبارات «إسرائيلية» تحركها غرف سرية في تل أبيب. ولديهم أيضاً معاهد سرية تقدم لهم الكثير من المعلومات.
الشخصيات الفكرية والثقافية يجب أن تكون واعية وأن توضح المفاهيم للناس وتحاول تغييرها، وتفضح الأساليب التي تستخدم، وهذا دور المثقفين والصحافة والإعلام الحقيقي الذي يجب أن يوظف للصالح العام.
لقد اختلطت الكثير من الأمور في ظل الأزمة، ونتيجة ذلك حدث تشوش كبير لدى كثير من الناس، ومازال يفعل، لذلك يجب توظيف الثقافة والفكر والإعلام والصحافة للصالح العام والمجتمع والناس، والتحلي بحس المسؤولية ومعرفة ما يجب أن نفعل تجاه ما حدث ويحدث. فكيف يحدث أن تفيض بلدان المنطقة والشرق الأوسط، بكل هذه الثروات ويعيش سكانها في الفقر، وتصل فيها نسبة ( الشحادين) إلى هذا المستوى. المشكلة أن المثقف الآن قلمه مأجور وهناك اختراقات عديدة في أغلب المجالات ومنها الثقافي .