محمد بعاج يطور الهوية من خلال منحوتاته
انحناءات متميزة تستطيع جذبك في منحوتات محمد بعاج، توق إلى الكمال مرتبط بطراوة الواقع، فكر أصيل يحافظ على نكهة الفرات والخابور، ولا يفوتك نظرات الدهشة لدى الأطفال الذين يشاهدون منحوتاته، تلك التي يبدو أنها الجائزة الكبرى للفنان.
حاورته: د. عروب المصري
يقول الفنان النحات محمد عبد الرزاق بعاج عن نفسه: أنا من مواليد 1944 الحسكة، عشقت الفن منذ الصغر وتابعت هذا الموضوع ببساطة وحاولت تنمية جانب هائل من الحرية أي أحترم نفسي وأحترم الآخر، أؤكد موضوع احترام نفسي أولاً قبل الآخر
كنت أعشق الهندسة المعمارية لكنني لم أستطع الدخول إلى الهندسة المعمارية، فأصبحت معلم مدرسة، أعلم الصف الأول، وأنا أجيد الرسم وإلقاء القصة والتحكم بقسمات وجهي مع الطفل فكنت ناجحاً معهم.
أميل للكتبة لأؤكد رؤيتي في الحياة، درست في الجامعة وكنت كغيري ألاحق الصبايا عندما درست ر ف ك، وعندما تركت الجامعة لأدرس معلم صف، رافقتني الحالة الفنية، وأشكر نفسي لأنني أعطيت نفسي الفرصة لأخدم الغير.
لدي بيت وأحب السماء الزرقاء، كل السوريين أهلي بغض النظر عن التوصيف.
كان نشاطي الفني متجهاً نحو النجارة الفنية لسد الحاجة الفنية لأنني أحب التعامل مع الخشب
ثم اتجهت للنحت، أعطي أحاسيسي حريتها، ولا أخجل من أي إحساس لأنه نقل حقيقي وصادق لموروثي التاريخي.
لا أحب بيع أعمالي الفنية وتصبح علاقتي فيها مثل الصديق وأنا وفي لأصدقائي، ومنحوتاتي تشبه أصدقائي. كان لدي 4 معارض في الحسكة، و3 في دير الزور ومعرض في الرقة و3 في دمشق ومعرض مشترك في جديدة عرطوز.
والحرف العربي جزء من هويتي ويمكن إبرازها بشكل متطور ويكمل هوية الفن الإنسانية بطريقة متطورة.
الطبيعة والإنسان
في الحالة الحضارية
علاقتي مع الطبيعة وعلاقتي مع الإنسان وانتمائي للإنسان بحالته الحضارية، الجمال هو تقليد للطبيعة كالزهور والأنثى التي هي مكمل هائل جداً ومحترم لا انتقاص منه، هذا شكل لدي تراكمات، كوني أنا منذ الصغر أعتبر نفسي عاشقاً للتصوير والنحت، بدأت بالرسم ثم وجدت نفسي في النحت أكثر، لأني أستطيع أن أصور الطبيعة وطراوة جسد الأنثى، والزهر ويمكنني إظهار كل هذه الأحاسيس بصدق ودون خوف لأن هذه أحاسيسي وأنا مسؤول عنها.
ما علاقتك بالمتلقي لفنك؟
أي قطعة خشبية أو رخامية أتعامل معها ضمن أحاسيسي بغض النظر عن المتلقي، ليس بمعنى الإهمال أو التهميش، إنما لأنني أحترم نفسي أولاً وبصدق فيخرج ما بداخلي بهذا الشكل.
ولا يمكنني أن أحكم على المستوى الفني لأعمالي فهذا عائد للمتلقي الذي يتلقى أحاسيسي الصادقة، ويعود المستوى عموماً لمهارة اليد والتقنية أما أنا فلدي مخزون كاف (وليس تاماً حتى أكون صادقاً في التعامل مع المنحوتة، وبالتالي فأنا أنظر إلى العمل بعد الانتهاء منه كمتلقي، فإما يعجبني أو لا، كما استنير بآراء بعض الأصدقاء.
الهوية والمخزون الثقافي
وأنا لا أقلد، فلدي مخزون ثقافي عربي وعلى المستوى المحلي في سورية وهو هائل جداً جداً. أي أنني أستند على هويتي وأطور بها، أي لا أقلد بل أطور بها استناداً لما هو موجود لدي، وبالتالي لدي أعمال ترتكز على الخط العربي، وهي ذات بعد سياسي كعمل «العراق» و«فلسطين» و«أمريكا إرهاب»، حيث أحاول أن أقول إن الحرف العربي يمكن استخدامه لأغراض جمالية هادفة حضارية. فأنا أحب أن أطور هويتي- ليس بمعنى رفض الآخر- ولكن بمعنى أنني مكمل للآخر.
نعرف بأنك مقل في المعارض فما هو السبب؟
لقد درج منذ وقت أن الشهرة والشرعية للفنان تأتي بغير الطرق المألوفة، أي أنني أريد أن اُعرف عن طريق هيئات وليس عن طريق أشخاص، حيث أعجب الدكتور حيدر اليازجي بمنحوتاتي ودعاني للانتساب لنقابة الفنون الجميلة، لكنني أحسست بأنني أريد حرية أكبر حتى أكون صادقاً ومفيداً أكثر، فمتذوق لفني يقدر عملي هو وسام على صدري، لدي مئات الأعمال، وتتحملني زوجتي (أم طارق) في هذه الأعمال التي تملأ البيت، ولست ملاكاً.
عملت على عدة أنواع من الخامات كالخشب والحجر وأنت تعمل بنفس الإبداع على الخامتين.
هذا نتيجة تراكم الخبرة التقنية والجمالية، فأنا لدي استراتيجية للعمل، فعندما أنظر إلى قطعة الخشب أو الرخام، يكون لدي 60% مما يجب أن يخرج.
أحجار الخابور قالت لي الكثير
بعض أحجاري جمعتها من ضفاف الخابور وقد قالت لي هذه الأحجار الكثير وأصبحت صانعاً لديها.
كثير من أعمالك تصور المرأة، ونحن نعرف أن النحات يرى بيديه، لكن معظم أعمال منمنمات عن المرأة أي أن أحجامها صغيرة، فما علاقة يدك فعلياً بالمنحوتة؟
أنا أعشق المرأة كثيراً لكنها ليست حالة ملائكية، وأنا أضيف الاحترام إلى هذه الحالة، في إطار إنساني بعيداً عن التشوهات الاجتماعية.
في النهاية أقول بوجع إنه حتى تستمر الحياة ويحقق الإنسان إنسانيته وسعادته لا بد من تغيير النظام العالمي لأنه يحكمنا ويهيمن على حياتنا.